كتاب " الإسلام في شعر فيكتور هيجو " ، تأليف هيجاء قحطان احمد الحمداني ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
قراءة كتاب الإسلام في شعر فيكتور هيجو
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الإسلام في شعر فيكتور هيجو
التوراة
تحتل التوراة مكانة معتبرة في اعمال فيكتور هيجو. فتأثيرها سوف يستمر كما سنرى حتى نهاية حياته.
ومن المهم جداً ان نعرف هذا التأثير على هيجو، لان مضمون العهد القديم يشبه في عدة نقاط مضمون القرآن الكريم، لان المصدر هو واحد ، وهو (الله تعالى). وهذا ما سيسهل قراءة القرآن بالنسبة لهيجو عندما ينظم "الشرقيات". بالاضافة الى ذلك "فالتوراة مصدر كبير للافكار الدينية في الادب المقارن"[46].
منذ طفولته، كان هيجو قارئاً نهماً للتوراة. ولم تبرح تترك بصماته في اعماله الاولى.
كان ذلك في عام 1810، في ايام الفيونتين عندما عرف هيجو التوراة لاول مرة ، وهو لم يزل صغيراً. فكان الانبهار امام هذا الكتاب المقدس، فلنستمع اليه يعترف لنا بهذا الاستشهاد المؤثر:
"كنا نصعد الى عليّة الدير كي نلعب.
وهناك، واثناء لعبنا كنا ننظر غالباً
فوق اعلى الدولاب الى كتاب صعب المنال.
وذات يوم تسلقنا حتى وصلنا الى هذا الكتاب الاسود، ولا اذكر ماذا فعلنا من اجل امتلاكه،
ولكني اتذكر جيداً بأنه كان التوراة."[47]
وبأكتشافه هذا الكنز، وبدل لهوه كأقرانه، امسك الصغير هيجو هذا الكتاب باعجاب حتى قبل فتحه، فهو يبوح لنا اية فرحة غمرت قلبه وهو يقرأ للمرة الاولى الشخصيات الدينية في كتاب يُعرِّفه بتاريخ العالم منذ عهد آدم عليه السلام حتى آخر ملوك بني اسرائيل. اذن فمنذ نعومة اضفاره كان هيجو يقرأ هذا الكتاب دون كلل او ملل حتى النهاية ، كان يبدي حماساً بالغاً لقراءة الكتب السماوية:
"كان هذا الكتاب القديم يبعث رائحة الغبار.
ذهبنا سعداء للجلوس في زاوية.
نفحات في كل مكان! ياللسعادة! ياللنشوة!
ثم فتحناه، كان كبيراً جداً فوق رُكَبِنا،
ومنذ الكلمة الاولى بدا لنا رقيقاً جداً
بحيث بدأنا بالقراءة ناسين اللعب
قرأنا نحن الثلاثة هكذا، طوال الصباح
عن جوزيف، روث وبوز، السامري البسيط ولكوننا دائماً مسحورين به، كنا في المساء نعيد قراءته."[48]
كان يبدي احتراماً عميقاً لهذا الكتاب حتى انه أقترح على اطفاله قراءته[49].انها {"الصور العظيمة للتوراة" التي اغرت المراهق (هيجو) لقراءة "عبقرية المسيحية"}[50]، وفي الوقت ذاته تغذي خياله الشعري . وسيستلهم من التوراة قصيدة "نار من السماء"[51]، او العارض المنتقم، الذي يعبر عن غضب الله تعالى نازلاً على العالم. وتوجب عليه ان ينظم قصيدة طويلة بعنوان "الطوفان" المستوحاة من رؤية توراتية.
في بداية المنفى سيظهر الاستلهام التوراتي اهمية خاصة في حياته: سيجد الشاعر فيه بواعث للامل ، ونبرات للانتقام. ومن النادر ان لانجد، بعد المنفى، قصيدة دون ذكر او تلميح للعهد القديم.
ان التشابه الواضح في القصص الدينية والحقائق التاريخية المذكورة في الكتابين المقدسين: التوراة والقرآن الكريم، يساعدنا على التعرف بشكل افضل على مصادر الشاعر، وموقفه ازاء المواضيع الدينية. وسيفيدنا في اقامة مقارنة بين المصدرين.