كتاب "السياسة الإسرائيلية تجاه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد انتهاء الحرب الباردة " ، تأليف د. جاسم يونس الحريري ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب السياسة الإسرائيلية تجاه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد انتهاء الحرب الباردة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

السياسة الإسرائيلية تجاه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد انتهاء الحرب الباردة
أولاً: المرتكز التوسعي:
ينطلق هذا المرتكز من تلاقي أهمية المكانة الاستراتيجية للوطن العربي مع الإدراك الصهيوني له لإقامة إسرائيل فيه. وتأسيسًا على ذلك حظي الوطن العربي بعناصر استراتيجية كانت ماثلة في عملية تشجيع وإنضاج أسس إسرائيل في الوطن العربي([11]). وفحوى ذلك يتلخص في إيجاد موطئ قدم لها خارج أوروبا، أي بمعنى آخر (وجود تجمع عضوي منبوذ لا نفع له، يتم نقله خارج أوروبا ليتحول إلى عنصر نافع يقوم على خدمة المصالح الغربية في إطار الدولة الوظيفية، في مقابل أن تقوم الدول الغربية بدعمه، وضمان بقائه واستمراره)([12]).
ويؤكد صحة هذه الفرضية (ناحوم جولدمان) رئيس المجلس اليهودي العالمي في عام 1970 عندما يعرف "الصهيونية" بأنها حركة استهدفت أمرين، الأول إنقاذ اليهود الذين يعانون التفرقة والاضطهاد بإتاحة فرصة الحياة اللائقة ذات المعنى لهم في وطن خاص بهم. والثاني كفالة بقاء "الشعب اليهودي" حيًا في مواجهة التهديد بالتفتت والذوبان في تلك البلاد من العالم التي يتمتع فيها بالمساواة التامة في الحقوق([13]).
إننا نعتقد أن ذلك التبرير لإقامة إسرائيل يدخل في إطار منهج "الصهيونية" الدائم للقفز على الحقائق التاريخية التي تؤكد أن إسرائيل أقيمت أصلاً باعتبارها مستعمرة غربية استيطانية في وسط الوطن العربي([14]). ويؤكد هذه الحقيقة هيربرت سايد بوثام Herbert Side Botham الخبير العسكري في صحيفة (الغارديان) البريطانية المؤيدة لإسرائيل في وقت من الأوقات، وصاحب النفوذ والاتصالات الواسعة في الدوائر الانجليزية الحاكمة في مطلع القرن العشرين قائلا "إن فلسطين هي مصلحتنا الرئيسية، لا أحد غير اليهود يمكن أن يكون مستعمر فلسطين، فتشكل في آن واحد عنصر وقاية من الشرق القريب، ووسيطًا بينه وبيننا، حضارة متميزة عن حضارتنا، ولكن مشبعة بأفكارنا السياسية"([15]).
ويؤيد ما طرحه بوثام الإسرائيلي (ماكس نورداو) في احتفال أقيم في لندن عام 1919 في تصور مفاده أن "الحركة الصهيونية" تقوم بمهمة عسكرية نيابة عن القوى الاستعمارية الكبرى قائلا "نعرف ما تتوقعونه منا، وتريدون أن نكون حرس قناة السويس، وحراس طريقكم إلى الهند عبر "الشرق الأوسط". نحن على استعداد لأن نقوم بهذه الخدمة العسكرية، ولكن من الضروري تمكيننا أن نصبح قوة حتى نقدر على القيام بهذه المهمة"([16]).
وتبعًا لما ذكر نرى أن السياسة الصهيونية قبل قيام إسرائيل، كانت تتحرك بموجب عقلية توسعية تتوافق مع التوجهات البريطانية، إلا أن الأمر تطور بعد ولادتها ليتولى قادة إسرائيل وضع استراتيجية ذاتية، دون إهمال العامل الدولي في حركتها السياسية الخارجية الإقليمية.