كتاب " الصحابة الكرام مكانتهم وجهودهم في حفظ السنة النبوية وواجب الأمة نحوهم "، تأليف الدكتور أحمد عطية السعودي ، والذي صدر عن دار المأمون للنشر والتوزيع عام 2013 .
أنت هنا
قراءة كتاب الصحابة الكرام مكانتهم وجهودهم في حفظ السنة النبوية وواجب الأمة نحوهم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

الصحابة الكرام مكانتهم وجهودهم في حفظ السنة النبوية وواجب الأمة نحوهم
5- توبة الله عليهم، ورأفته بهم، وعفوه عنهم:
* (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (37).
* (ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) (38).
* (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (39).
6- ذكرُهم في القرآن تصريحاً وكناية: ومن الصَّحابة الذين خصَّهم القرآن بالذّكر:
- زيد بن حارثة: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ مَفْعُولًا) (40).
- أبو بكر الصدّيق: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ) (41).
- علي بن أبي طالب(42): (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرً) (43).
- صهيب الروميّ(44):(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (45).
- عدد من الصَّحابة: نزلَ فيهم قوله تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ۖ)(46).
وهم: أبو عبيدة عامر بن الجراح قتل أباه يوم أحد، وأبو بكر الصديق دعا ابنه يوم بدر إلى البراز، ومصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد، وعمر بن الخطاب قتل خاله العاص بن هشام يوم بدر، وعلي وحمزة قتلا عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة يوم بدر(47).
7- مرضاة الله ( عنهم، وتبشيرهم بجنّات النعيم:
* (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) (48).
* (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (49).
8- تزكية حياتهم وجهادهم وعبادتهم، والإشادة بصحبتهم للنبيّ صلى الله عليه وسلم:
(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (50).
وقد بيّن الله ( أنَّ صفات الصَّحابة الكرام متطابقة مع صفات النبيّ صلى الله عليه وسلم، فهم غلاظ على الكفار كالأسد على فريسته، متعاطفون متوادّون، كثيرو الصَّلاة، يطلبون الجنة ورضا الله، وفي وجوههم نور من الخشوع، وقد ضرب الله تعالى مثلاً لأصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، أنهم يكونون قليلاً، ثمَّ يزدادون ويكثرون، فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم حين بدأ بالدعوة إلى دينه ضعيفاً، فأجابه الواحد بعد الواحد، حتى قويَ أمره؛ كالزَّرع يبدو بعد البذر ضعيفاً، فيقوى حالاً بعد حال، حتى يغلظ نباتُه وأفراخه، فكان هذا من أصحّ مثل، وأقوى بيان، وقد خُصّص أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم بوعد المغفرة تفضيلاً لهم، وإنْ وَعدَ الله جميع المؤمنين بالمغفرة(51).
ويتبين للباحث من خلال مدارسة هذه الآية الكريمة الحكيمة ما يلي:
* أنَّ حياة الصَّحابة رضي الله عنه قد امتزجت بحياة النبيّ صلى الله عليه وسلم فكانتا سيرةً واحدة، وعروة وثقى لا انفصام لها، ولذلك جاء التعبير القرآنيّ بإشراك الصَّحابة في الحكم بواو العطف: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) .
* أنَّ الصَّحابة رضي الله عنه يتَّسمون بالشَّجاعة والبسالة، والشَّدة على ملّة الكفر، وتلك خِصال يحبّها الله تعالى (أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ) .
* أنَّ مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام كان مجتمعاً متراحماً، يعمُّ أعضادَه حُنوٌّ بالغ، وعطفٌ سابغ: (رُحَمَاء بَيْنَهُمْ) .
* أنَّ الصَّحابة رضي الله عنه تعلّموا مناسكهم وشعائرهم من نبيهم محمّد صلى الله عليه وسلم، والتزموا بذلك تعبّداً وإخباتاً، ومنافسةً في الطاعة: (تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) .
* أنَّ هؤلاء الصَّحابة رضي الله عنه لا يبتغون بسعيهم وتعبّدهم وجهادهم شيئاً من حطام الدنيا، وإنّما يبتغون فضل الله ( ورضوانه، فاجتهدوا حتى بدا نورُ الخشوع على وجوههم من أثر السُّجود: (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ
* أنَّ الصَّحابة رضي الله عنه هم أساتذة العالم بعد نبيهم محمّد صلى الله عليه وسلم، وهم امتدادٌ لرسالته الخاتمة الخالدة، فقد تلا عليهم آيات الله، وعلَّمهم الكتاب والحكمة، وزكَّاهم، وتعهَّدهم بأدب السَّماء من غَبش الفجر إلى غَسَق الليل؛ فكانوا خير أمّة أخرجتْ للناس.
* أنَّ جهود الصَّحابة رضي الله عنه ستؤتي أكُلَها في العالم كلّه، وستكون لهم قوة بعد ضعف، ونضارة بعد شحوب، كالزَّرع الذي يخرج فراخه وفروعه: (ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) .
* أنَّ جزاء هؤلاء الصَّحابة هو المغفرة التامة، والثواب الكبير، والخلود في جنّات النعيم، مكافأةً لصدق إيمانهم، وقوامة مَسْلكهم، وإخلاص تعبّدهم: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) .