أنت هنا

قراءة كتاب صفحات مطوية من التاريخ

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
صفحات مطوية من التاريخ

صفحات مطوية من التاريخ

كتاب " صفحات مطوية من التاريخ " ، تأليف عيسى إبراهيم اللوباني ، والذي صدر عند دار المأمون للنشر والتوزيع عام 2014 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 9

ولكن الحقيقة أن فرنسا لم ترغب في تسليمهم لأنه وفي هذه الفترة بالذات كان الصراح محتدماً بين بريطانيا وفرنسا حول النفوذ في سوريا، وأن بريطانيا كانت تحاول إخراج فرنسا من المنطقة، وفرنسا أرادت أن تستميل العرب لاسيما وأنه كان من ضمن مرافقي المفتي بعض السوريين. حيث كان يتردد عليهم بعض المسؤولين الفرنسيين لاسيما من أولئك الذين عملوا في سوريا مثل مسيو بونسوا والذي عمل مندوباً سامياً لفرنسا في سوريا ولبنان عام 1928.

وكذلك زيارة مسيو (غيرامو) مساعد مدير الشؤون العربية في وزارة الخارجية الفرنسية، وكان الحديث يتناول الوضع في سوريا ولبنان وبعض الأقطار العربية. وقام مسيو (غيرامو) بتسليم المفتي رسالة من المرحوم سامي الصلح رئيس الوزارة اللبنانية حينئذ. ثم قام بزيارة المفتي وجماعته مسيو بونسو وحده، وتحدث في زيارته هذه عن رغبة فرنسا في التعاون مع الأقطار العربية وأنها ماضية في سياستها هذه.

ولا ننسى كذلك أن فرنسا كانت تريد استمالة هؤلاء العرب بما لهم من مكانة محاولة الحفاظ على وجودها في بلاد المغرب العربي التي كانت تحتلها.

وأخذ المفتي وجماعته بعد ذلك باستقبال من يشاؤون من الزوار العرب المارين بباريس أو المقيمين فيها. وكان من بين هؤلاء أحمد الدعواق أحد كبار رجال السياسة في لبنان ذلك الوقت والدكتور محمود عزمي رئيس وفد مصر في الأمم المتحدة، ووفد لبناني كان في طريقه للأمم المتحدة وكان أبرز أعضائه المرحوم رياض الصلح وحميد فرنجية وكان معهم الصحفي المعروف حنا غصن.

وفي هذه الأثناء كان اليهود يطالبون بتقديم المفتي إلى محاكم نورمبرغ مع زعماء النازية بتهمة التحريض على قتل اليهود. وفي عام 1946 قرر المفتي مغادرة باريس إلى مصر. وقال إنه تدبر أمر جواز السفر وغير الصورة الملصقة عليه ليضع صورته مكانها، وبدل ثيابه. ووصل أخيراً إلى القاهرة. بعد أن ترك رسالة شكر للحكومة الفرنسية.

ولابد من الإشارة هنا إلى أن بعض العرب الذين كانوا يرافقون المفتي اختاروا البقاء في ألمانيا وفي منزل بادكشتاين، في انتظار ما سيكون بعد احتلال الحلفاء. حيث دخلت القوات هذه المدينة بعد رحيل المفتي بيومين وتسلمت القوات الأمريكية الأماكن المهمة والدوائر الرسمية. وبموجب الأوامر الرسمية الخاصة بالأجانب اتصل أولئك العرب بدائرة الحاكم العسكري الأمريكي للاستعلام عما سيكون من أمرهم. بداية طمأنوهم، ثم أعلموهم أنهم موقفون حتى إشعار آخر، ومنعوهم من الخروج أو الاتصال بأحد، ووضعوا حرساً عليهم لمدة أسبوعين.

ثم نقلوهم بالسيارات برفقة الحرس إلى مدينة سالزبورغ ومنها إلى المطار، وبعد تسجيل الأسماء وإنهاء عملية التسليم والتسلم، ركبوا طائرة توجهت بهم إلى مطار بروكسل، حيث نقلوا إلى السجن العسكري ومكثوا شهراً، ثم نقلوا من الزنزانات إلى غرفة واسعة واحدة. ومكثوا في هذا السجن تسعة أشهر. وتم توكيل محام فرنسي للعناية بأمرهم، كما اهتمت سفارة مصر والمفوضية السورية واللبنانية في باريس بأمر رعاياها المسجونين. وقد اقترنت المساعي بالنجاح وتمكن رعايا تلك البلدان من العودة إلى بلادهم. أما الفلسطينيون منهم فلم تكن هنالك دولة ترعاهم، وأخيراً نقلتهم السلطات البريطانية من بروكسل إلى جزيرة سيشل بطائرة خاصة شباط 1946.

بعد أن أضربوا عن الطعام. وقضوا في سيشل أربعة شهور وساءت صحة بعضهم، فتم نقلهم إلى القاهرة على دفعتين.

أما هؤلاء الذين تخلفوا في ألمانيا والذين تم نقلهم بعد ذلك إلى بروكسل والقاهرة فكان منهم الشيخ حسن أبو السعود وسعد الدين عبد اللطيف وسليم الحسيني وهم من القدس، والدكتور ظافر الرفاعي (وزير خارجية سوريا فيما بعد) من حلب، والدكتور فرحان الجندلي (وزير صحة سوري سابق) من حمص، ورمزي الألاجاتي من حلب وبهاء الدين الطباع من بيروت ويوسف الرويس من تونس وغيرهم.

وأثناء وجوده في القاهرة قابل المفتي الملك فاروق الذي أنزله في قصر أنشاص. حيث تولت حراسته مجموعة كبيرة من الجنود. وأقام في هذا القصر 19 يوماً.

وطالبت الصحف المصرية بأن يكون للمفتي حرية الحركة والعمل السياسي لأجل قضية فلسطين رغم تحفظ الحكومة البريطانية على ذلك.

ويقول المفتي: إن بعض الضباط المصريين الذين قاموا بالثورة قد اتصلوا به وعرضوا عليه التطوع للعمل معاً من أجل فلسطين وكان منهم جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر واثنين آخرين.

ولكن بعد خلافات مع حكومة الثورة قرر المفتي مغادرة القاهرة إلى دمشق ثم لبنان وكان ذلك في 15 أيلول (سبتمبر) 1959 حيث قضى بقية حياته إلى أن توفي في سبعينات القرن الماضي رحمه الله.

الصفحات