كتاب " تطور الفكر الإنساني .. حضارة مصر القديمة " ، تاليف نجلاء حبيب الزحلاوي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب تطور الفكر الإنساني .. حضارة مصر القديمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مقــدمة
أقدم للقارىء هذا الكتاب المبسط عن الحضارة المصرية القديمة وموقعها من الإنسانية كى يلم كل شاب أو فتاة بالأبعاد الحقيقية لهذه الحضارة المؤثرة على الحضارة العالمية فى جميع المجالات.
إن سر عظمة وخلود هذه الحضارة يكمن بين سطور هذا الكتاب التى تعكس الصورة الحقيقية للإنسان المصرى القديم، كيف فكر المصرى وكيف نما فكره هذا والتطبيقات العملية لهذا الفكر.
يقدم لنا المصرى نتاج علم وعمل وترابط أسس بهم مجتمعا أخلاقيا يحكمه الضمير الإنسانى، إن فى حضارتنا هذه قدوة وحافز على النهوض المستمر بالكيان المصرى، فالتطلع إلى حضارة الماضى يحفز للمضى قدما نحو مستقبل أفضل.
يسهل من خلال هذه الصورة المبسطة متابعة تفاصيل تاريخ وحضارة مصر الخالدة التى لم يتوقف نبع الحضارة فيها فتوالت حقبات الزمن على تنوع متطور وشامل فى الكثير من المجالات.
ومن خلال هذا الكتاب يلمس القارىء الدوافع الطبيعية التى دفعت المصرى لتبسيط فكره العقائدى فلجأ للأساطير والتجسيد المادى لبعض المفاهيم كى تصبح العقيدة فى متناول الجميع، وكذلك لتبسيط مفهوم الوجود والمظاهر الكونية للعامة والخاصة معا مما نتج عنه ممارسات عقائدية قربت الإنسان من خالقه عبر خطى تحسسية تصاعدية نحو السمو الروحى الإنسانى.
لقد برزت حتحور للوجود، كامتداد للفكر السائد منذ عصور ما قبل التاريخ الذى يفسر الوجود كعملية انجاب بيولوجية اوجدت الوجود خروجا من رحم الأم المطلقة، برزت لتجسد السماء حيث يتربع قرص الشمس فى أوضاع وأماكن مختلفة، وبرزت الأمومة كسمة أساسية تقرب للأذهان إحتضان الشمس فى باطن السماء وتدور حولها الفلك، فتصبح حتحور الأم الحنون لظاهرة كونية طبيعية.
وقدس المصرى هذا المعنى المتجسد فى شكل البقرة التى نوع تصويرها فأصبحت أيضاً تلك السيدة الجميلة التى تحمل على رأسها قرص الشمس بين قرنى البقرة، واستتبع هذا ظهور شخصية إيزيس الرمز الذى يجسد ويمثل الأم بمعنى الأمومة المطلق التى انجبت للمرة الأولى الكون وما استتبعه من تفاصيل، والزوجة الوفية التى اخلصت وساندت زوجها، والأم الصالحة التى تمتلك سحر الكون.
لقد أوجد المفكر المصرى القديم شخصية حتحور ليجسد السماء أو بالتحديد الطريق اللبنى حيث يتحرك قرص الشمس بحرية من خلال أشكال متنوعة طبقاً لموقعه الزمنى فى السماء، تجسد حتحور اذا الطريق اللبنى الذى تخيله المصرى كنهر من اللبن يتدفق من درع البقرة. وطور هذا المفهوم من مهام حتحور خلال الأساطير ليشمل أداؤها فى كل من السماء والأرض معا، فأوجد المبدع المصرى شخصية إيزيس المنبثقة من حتحور كتجسيد آدمى فصورت كسيدة ذات وظائف عملية فى المجتمع الحياتى، واعتبرت حتحور السماء وايزيس الأرض والسماء معا، وتمثل كلتاهما معانى الأمومة بمعناها المطلق مما يعكس ويؤكد مع التطور الدائم فكر المصرى فى ازدواجية الوجود.