كتاب " تطور الفكر الإنساني .. حضارة مصر القديمة " ، تاليف نجلاء حبيب الزحلاوي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب تطور الفكر الإنساني .. حضارة مصر القديمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
هذا ما تحقق منه العلم الحديث، ولكن المصرى القديم مع تفكره، قدم للإنسانية نظرياته الخاصة فى كيفية خلق الوجود كما تصوره وكنتيجة لملاحظة دقيقة ودؤوبة لعناصر الطبيعة المختلفة ولتقلباتها، ونتيجة لتفاعلاته الفطرية مع هذه الطبيعة الشاسعة.
واستخلاصاً لما ورد فى نصوص الأهرام التى ترجع للدولة القديمة ونصوص التوابيت، الدولة الوسطى، وكتاب الموتى للدولة الحديثة، وكتاب العالم السفلى الدولة الحديثة، وكل من الحواديت والأناشيد والأغانى ومجموع المنتج الأدبى للمصرى القديم من تعاليم الحكماء والنظريات المتنوعة للمفكر المصرى التى صاغها فى شكل أساطير، نلمس أن المصرى قبع يفكر ويتمعن فى العناصر الطبيعية وتفاعلاتها ونتيجة هذه التفاعلات على مجريات تفاصيل حياته، فبدأ يتفكر فى كيفية نشأة الكون ثم توصل المفكر إلى أن الوجود كان فى حالة فوضى أزلية وأن عناصر الوجود كامنة فى ظلام دامس فى عالم اللا وجود داخل النون الذى يغلف الكون، أوالمياه الأزلية التى تحتوى على كل العناصر الطبيعية، وعبر انفجار مدوى شبهه بنعيق الأوز ليسهل على الجموع فهم الحدث، برز قرص الشمس ليبدد الظلمات وليبدأ الوجود الحركى مع الحياة، وبرز قرص الشمس بفضل رغبة من آتوم الخالق.
لقد أكد المفكر المصرى وجود كل عناصر الوجود فى حالة كمون داخل المياه، وخرجت هذه العناصر من الماء وانتقلت من حالة الجمود إلى الحياة المتحركة بفضل الخالق الأوحد الذى جسده عبر السنين فى شكل آدمى ليقرب المفكر لنفسه وللجموع مفاهيم تجسد صعوبة عملية خلق الكون، واجتهد فيما بعد فى محاولة فهم كنه هذا الخالق الذى أعلن فى متون الأهرام:" لقد جئت للوجود فى الأزمنة السحيقة، ثم انشطرت منى منذ البدايات الأولى الأشكال المختلفة التى لم تكن قد تجسدت على الأرض من قبل. لقد أتممت كل عملى عندما كنت وحيدا ولم يكن هناك أحد غيرى ليعمل معى فى هذا المكان."
وفسر المفكر المصرى مجىء الخالق مع بدايات فكره كمولود برز من الماء عبر ولادة الهية شبيهة بولادة البشر والحيوان البيولوجية، انها الطبيعة الأم التى انجبته بلاتدخل ذكرى، وبرز قرص الشمس من النون بمراحله المتعددة فأصبح خبر فىالصباح الباكر ورمز له بالجعران، ثم رع وهو فى أوج حرارته فى منتصف النهار، ليصبح آتوم عند الغروب ويتجه غربا حيث تلمع النجوم فى السماء.
"...لقد جئت إلى الوجود فى شكل خبر...لقد خلقت الأشكال بفضل الطاقة العليا الكامنة بداخلى، وجمعت الأشياء عندما كنت فى حالة كمون داخل النون ولميكن لى مكان بعد، ثم ظهرت التفاعلات فى قلبى وظهرت لى خطة الخلق، ثم حققت كل عملى وأنا وحيد."
ومما سبق نلمس أن آتوم الخالق هو أول من ذكر الطاقة الحيوية الكامنة داخل كيانه التى احتاج لخطة مسبقة أعدها كى تخرج هذه الطاقة للوجود، وهذا منهج علمى قائم .
ولكن المفكر ترجم فكره من خلال أسطورة تقدم آتوم كخالق أوجد قرص الشمس ليبدد الظلام ويبعث الحرارة فى الوجود مع الضوء، ثم خلق السماء نوت والأرض جب، ثم شو وتفنوت اى الهواء والرطوبة، ثم أكمل التاسوع الذى يرأسه ب أوزيريس وايزيس ثم نفتيس وست وهما زوجان من البشر ،ثم حورس الكبير، وطبقاً لفكر المصرى فان الطاقة الحيوية الكامنة داخل قرص الشمس هى المسؤول الأول عن الحياة المتحركة بكل عناصرها.