كتاب " الجنوبي " ، تأليف عبلة الرويني ، والذي صدر عن دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
لن أطلب منكم الوقوف حداداً
أنت هنا
قراءة كتاب الجنوبي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الجنوبي
في صباه الباكر كان شديد التدين، لايترك فرضاً، يلقي خطب الجمعة في المساجد، ويحمل عهداً وطريقاً على منهاج الشيخ إبراهيم الدسوقي.
ثم ترك النشاط الديني في شبابه معجباً بالماركسية والوجودية.. لكن القلق الميتافيزيقي ظل يحمله في داخله دائماً.. رافضاً يقينية الشرائع والأفكار باحثاً دوماً عن الحقيقة والاطمئنان الكامل.
ومتى القلب في الخفقان اطمأن
إنه السؤال الذي يكسر أقوى القلوب.. ولعل طرح التساؤل بهذه الكيفية يحفل بالعصيان. والتحدي، وليس بالإنكار.. فهو لاينكر الله أساساً ولكنه يخاطبه، ويناقشه، ويبحث دائماً عن الإجابة لسؤال صعب لم يجده أبداً.
***
صعيدي حتى النخاع.. شديد الغيرة في كبرياء.. شديد النقاء.. شديد العناد.. شديد الثأر.
الدم.. أو يعود كليب حيّاً
ولعل الاختيار كان دائماً في أعماقه محسوماً بالمستحيل (أن يعود كليب حيا) وبرغم ذلك كان هدفه الأكبر ومطلبه الدائم هو الحرية.. إنها سمة وصراعاً دائماً لتحقيقها، إنها كينونته الحقيقية التي ظل يبحث عنها، ويكسر كل شيء من أجلها، وهي أيضاً الغد القادم، والغاية، والمنتهي..
إن الحرية هي المستقبل
قالها يوماً، كأنه لم يحققها بعد.
***
يتزايد التناقض، والتناثر والتشتت، والقلق الذي يحكم كل الأشياء حوله وفي داخله، ليكشف التناقض الأكبر (الحياة والموت).
فهذا العاشق أبداً للحياة، وكأنها الأبد، يحمل في كل لحظة الموت في أعماقه، مردداً دائماً (إنني ابن الموت) ومتنبئ به دائماً.
في العشرين من عمره ذكر أنه، ولابد، منتحر في الثلاثين. وفي الثلاثين أكد أن حياته ولابد وأن تنتهي في الأربعين.
في السابعة عرف فقد الأخت (1947).. وفي سن العاشرة عرف فقد الأب (1950) ثم فقد الأهل (الغرباء).. وفقد المدينة وفقد الوطن.
هذا الفقد المتواصل وضعه دائماً في مواجهة الموت، لكنه لم يفقده لحظة عشقه للحياة، لأنه لم يعرف لحظة فقدان ذاته وضياع نفسه.. إن هذا الاستمتاع بالحياة هو نتاج وعي بالموت كحقيقة، وإدراك لحتميته.
ظل الموت دائماً هو الحقيقة، وثمن الطريق. وظلت حياته دائماً هي الصراع والمقاومة المستمرة حتى النهاية فمن رآه رأى دمه.
إنها الموهبة..
وأنه الشعر.. المدخل، والتجربة وانتصارها.