كتاب " الأمن العربي في عالم متغير " ، تأليف د. جمعة بن علي بن جمعة ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب الأمن العربي في عالم متغير
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مقدمة الامام الصادق
العمل دون تنظير أعمى والتنظير دون عمل كسيح. وميزة صاحب هذا الكتاب أنه جمع بين عالمي التنظير والعمل فأتحفنا بزبدة تفكيره وتجاربه متبعاً سنة من سبقه في هذا الباب كإبن رشد، وإبن خلدون، وغيرهما من الذين لبوا تطلع إفلاطون لصفة الملك الفيلسوف.
إن في هذا المؤلف قيماً مضافة أخرى أهمها:
• النظرة الموسعة للأمن القومي العربي رأسياً لتشمل عوامل التأثير الأخرى كالإقتصاد، والتكنولوجيا الثقافية وغيرها،وأفقياً لتناول الفضاءات المجاورة التركية،والإيرانية، والأوربية، والأفريقية جنوب الصحراء.
• إحصاء مقومات الأمن القومي العربي وموجبات تشابكه.
• بيان مهددات الأمن القومي العربي
• تناول القرارات الجيدة الكثيرة التي إتخذتها الجامعة العربية في مجالات مختلفة وما برحت محبوسة في الأضابير محجوبة عن التنفيذ.
• المقارنة بين هذا القصور العربي وأداء بعض المنظمات الإقليمية الأخرى الأكثر جدوى.
• الإهتمام بالقمة الإقتصادية المزمعة في الكويت العام القادم وإقتراح توصيات لإثرائها.
مع أن المؤلف تناول موضوعه بنقد لطيف فإنه أبقى علي جذوة أمل مضيئة في آخر النفق.
قال أمير المؤمنين إبن الخطاب: "رحم الله إمرئ أهدى لنا عيوبنا". المقولة التي أرجع صداها بعد مئات السنين عمانويل كانط بقوله: "النقد هو أفضل وسيلة للبناء إكتشفها الإنسان".
نبه المؤلف للمخاطرالمحدقة بالأمن القومي العربي بلغة دبلوماسية ولكن الحالة العربية صارت تستدعي دق نواقيس النذر.
في العام الماضي نظمت في "أبوظبي" مسابقة لإختيار أمير الشعراء العرب. وطلب من المتنافسين مجاراة قصيدة عمرو بن كلثوم الشهيرة ففعلوا وكان المعني الذي رددته قصائدهم واحداً ومؤلماً خلاصته:
تناسل بيننا عمرو بن هند فكنا كمــا أراد لــنا أن نكونا!
أمتنا وأكثريتها من الشباب بلغ بها الإحباط كراهية الذات وصار الشباب يعبرون عن هذا الإحباط بالهجرة إلي الخارج جغرافياً. أو الهجرة إلي خارج التاريخ في صحبة الغلاة. وصار العالم العربي مجالاً لمفارقات وتناقضات مدهشة: فالفجوة بين الحكومات العربية والشعوب هي الأكبر بالمقارنة مع كيانات العالم الأخرى الأكثر ممارسة لآليات المشاركة والمساءلة، والفجوة الطبقية بين الأثرياء والفقراء هي الاوسع بالمقارنة مع الآخرين. هاتان الفجوتان تفاعلتا مع الظلم الوافد بسبب الإستيطان الغاصب، والإحتلال الظاهر والمستور، والإستغلال، لتفريخ حالة فوجت الشباب زرافات ووحدانا إلي صفوف تيارات الغلو والعنف المصاحب له.
ومع أن أغلبية العرب مسلمون والإسلام من أكثر الأديان العالمية حثاً علي الوحدة، ومع إتفاق أهل القبلة علي كثير من الثوابت فإن الأعداء الآن يراهنون علي إستقطاب مذهبي مدمر.
ومع أن دواعي الوحدة بين العرب هي الأكبر بالمقارنة مع المجموعات الإقليمية فإن علاقات كثير من الدول العربية مع مراكز الهيمنة الدولية تفوق العلاقات العربية البينية وهي الأقوى بالمقارنة مع علاقات الدول الأخرى مع مراكز الهيمنة الدولية. ومع ذلك فإن مصالح الولايات المتحدة الحقيقية هي في العالم العربي ورغم ذلك فإن مواقف الولايات المتحدة الحقيقية هي مع إسرائيل الغاصبة للحقوق العربية والمتوسعة علي حسابهم.
ما دامت هذه الفجوات والتناقضات قائمة، فإنها تجهض العلاقات بين الدول العربية، وتجعل القرارات الوحدوية أمنيات ترددها القرارات ويكذبها الواقع، فكما قال نزار رحمه الله:
وإذا السيوف تكسرت أنصالها
فشجاعة الكلمات.. ليس تفيد!
الدول العربية الآن غالباً من أكثر البلدان إعتماداً علي إستيراد الغذاء من الخارج. هذه الظاهرة المستمرة حتي الآن سوف يصحبها إرتفاع هائل في أسعار المواد الغذائية بسبب الوقود الحيوي –الإثنول- الذي سوف يهبط بحجم عرض المواد الغذائية في الأسواق. وهذا من شأنه أن يعصف بالأمن الإجتماعي في كثير من البلدان العربية.
كل ما سبق وعيد للأمة العربية بالويل والثبور وعظائم الأمور مالم تهب الأمة وتتسلح بمشروع نهضوي يفعل طاقاتها المعنوية والمادية، والبشرية والطبيعية.
هذا الكتاب مهما خففت تعابيره الصياغات الدبلوماسية نداء في طريق المشروع النهضوي المنشود: (إن الله لا يُغيرُ ما بِقَومٍ حتى يُغَيِروا ما بِأنفُسِهِم).
الإمام الصادق المهادي


