أنت هنا

قراءة كتاب الأمن العربي في عالم متغير

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأمن العربي في عالم متغير

الأمن العربي في عالم متغير

كتاب " الأمن العربي في عالم متغير " ، تأليف د. جمعة بن علي بن جمعة ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 6

مقدمة د.مصطفى إسماعيل عثمان

ما دفعني إلى تأليف هذا الكتاب هو ما آل إليه الوضع العربي الراهن من تشرذم وعدم استقرار وتباين في الآراء والأفكار. فالوضع العربي الراهن أكثر ضعفا منه في اى وقت مضى، ولعل إسقاطات انتهاء حقبة الحرب الباردة، وبروز نظام عالمي جديد يعمل على فرض هيمنة المنظومة الليبرالية، وبروز مفاهيم جديدة، هذه العوامل مجتمعة أضعفت المقومات الداعمة للأمن القومي العربي. فإسرائيل باتت تفعل ما تشاء دون وازع من ضمير، أو رادع لها، فأصبحت عملية السلام في الشرق الأوسط لا تنبئ بحلول على المدى القريب، ولا توجد حتى استراتيجية واضحة للحل على المدى البعيد. الاحتلال الأمريكي للعراق احد العوامل التي بعثرت التضامن العربي وكذلك ما آلت إليه الأوضاع في بقاع عديدة في العالم العربي.

لما كان الوضع العربي على ما هو عليه، رأيت أن أتقدم بهذا المجهود عله يسهم في إثراء النقاش الدائر حول منظومة الأمن القومي العربي والعوامل المؤثرة عليه وتلك التي يتأثر بها وكيفية تعضيده.

يبدأ الكتاب بفذلكة نظرية لمفهوم الأمن القومي، خاصة في إطاره الإقليمي، وعلاقة الأمن القومي العربي بمعادلات توازن القوى، وهل كان من الممكن أن يشكل العالم العربي، ذو التأريخ والثقافة والمرجعية الدينية المشتركة، حلفاً امنياً متماسكا في وجه الأحلاف والمعاهدات الأمنية التي نشأت عقب الحرب العالمية الثانية، كحلف شمال الأطلسي، وحلف وارسو، وغيرها من الأحلاف التي أدركت أن طبيعة النظام الدولي آنذاك تتطلب تطوير مفهوم جماعي للأمن عن طريق التكتلات الإقليمية أو المذهبية.

تطرق الكتاب للخلفية التاريخية للحلف العربي، متى نشأ، وكيف تطور وتبلور في شكل اتفاقية للدفاع المشرك. وتناول أهداف الحلف وأجهزته، ومن ثم مقدرته في تحقيق أهدافه، والآليات المستخدمة للوصول إلى هذا الغرض. وكذلك العوامل التي أدت إلى إضعاف الحلف العربي وتفتيته والتغلغل الخارجي في الوطن العربي، وانقسامه بين القوى الدولية المتصارعة، واثر ذلك على منظومة الأمن القومي العربي. ولعل ما يذخر به الوطن العربي من ثروة نفطية هائلة، واعتماد العالم بصورة أساسية على تموينات ومخزون النفط العربي، هو ما جعل المنطقة ساحة من ساحات التكالب والصراع الدولي. نتج عن ذلك أزمات وحروب في فترات مختلفة ولعل أهمها أزمتا الخليج الأولى والثانية والتي كانت لها تداعيات سالبة عديدة على الوطن العربي.

قررت قمة الجامعة العربية التي انعقدت في الخرطوم في عام 2006م إنشاء مجلس للسلم والأمن العربي، يهدف في المقام الأول إلى مواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه الأمة العربية وذلك عن طريق حل الأزمات والخلافات التي تفت في عضد الأمة العربية، التي باتت تعيش في لجة من التناقضات والاضطرابات، مما اقعد من إمكانياتها وطاقاتها لاستغلال مواردها لخدمة أهداف العالم العربي بأسره. على الرغم من القناعة السائدة وسط الدول العربية بأهمية هذا المجلس يبقى السؤال دوما هل يتمكن هذا المجلس في ظل حالة التجزئة التي تعيشها الدول العربية من أداء دوره؟ إن نجاح هذا المجلس مرهون بتحقيق الإجماع العربي، وتمكينه، وتوفير الإرادة السياسية قبل الموارد المادية له حتى لا يصبح أداة دبلوماسية يجوب أعضاؤه هنا وهنالك دون امتلاك الوسائل المناسبة لانفاذ قراراته.

لم تنحصر هذه الدراسة في المفهوم التقليدي للأمن القومي الذي يقوم على القوة العسكرية فقط، بل تناولت العامل الاقتصادي، وأهميته في إرساء دعائم الأمن القومي العربي. اقر مؤتمر القمة العربية الحادية عشر والتي انعقدت بعمان في عام 1980م استراتيجية العمل العربي المشترك. تلا ذلك وضع الخطط والبرامج لتفعيل هذه الاستراتيجية وإنزالها ارض الواقع. إن الوطن العربي بما حباه الله من موارد طبيعية، وإمكانيات ضخمة، كانت له الفرصة في إرساء دعائم عمل عربي اقتصادي مشترك، يكون نواة لكيان اقتصادي جامع للأمة العربية، تضاهى به باقي الأمم. وفى الوقت الذي اتجه فيه العالم إلى خلق تكتلات اقتصادية، خاصة بعد الحرب الباردة، نجد أن العالم العربي مازال يعيش في جو من الخلافات وعدم اتفاق حتى على المبادئ. ومنذ ذلك الحين أصبحت مسالة العمل العربي المشترك مجرد حلم يتناوله القادة العرب والمختصين في أضابير الجامعة العربية، وفى مداولات المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة، دون تحقيق اى تقدم يذكر. وكيف لذلك أن يتحقق والدول العربية فاقدة للرغبة السياسية في العمل المشترك، وتتجه كل واحدة منها إلى إيجاد شراكات اقتصادية مع دول وكيانات خارجية، ولكن ليس في المحيط العربي. ولعل سياسة التبعية التي أرستها القوى الغربية أصبحت ضاربة بجذورها في العمق العربي، حيث بات الانفلات منها ضرب من ضروب الخيال في ظل عدم توفر الإرادة، خاصة وان بنى وهياكل التبعية الراسخة التي أرستها القوى الرأسمالية، لا تلغيها محاولات انفرادية وغير جادة، ولا أمنيات، وإنما بوضع هياكل وبنى اقتصادية قائمة على مبدأ تحقيق الاستقلال الاقتصادي وبناء أسس واطر شراكة اقتصادية عادلة ومنصفة.

أفسحت في هذا الكتاب مجالا واسعا لتناول القمة العربية الاقتصادية، التي اختار القادة العرب أن يكون انعقادها العام القادم في دولة الكويت. ما كان اختيار الكويت محض صدفة، حيث أن الكويت رغم صغر مساحتها، وقلة عدد سكانها، إلا أن لها وزنا اقتصاديا معتبرا، ليس فقط على النطاق العربي، بل وعلى مستوى العالم اجمع. إن فاعلية الكويت، وانفتاحها السياسي والاقتصادي، والدور البارز الذي لعبته في تنمية الاقتصاديات العربية والعالمية، وعضويتها النشطة في العديد من المؤسسات الاقتصادية والمالية العربية والدولية، جعلها الأنسب من حيث المكان والتجربة لانعقاد أول قمة عربية اقتصادية.

يظل الأمل معقودا في هذه القمة لتبحث أسس العمل الاقتصادي المشترك، مستندة على المرجعيات السابقة التي خطتها الجامعة العربية في هذا المجال، ومستصحبة لتجربة العمل الاقتصادي العربي المشترك، وصولا إلى أسس متينة ودعائم راكزة للقضاء على سياسة التجزئة وترسيخ منهج التضامن الاقتصادي، وبناء شراكات اقتصادية راسخة، والتي تعتبر بدورها من أهم مقومات العمل علي صيانة وحماية وضمان الأمن القومي العربي.

كانت خاتمة الكتاب استقراءا لحاضر ومستقبل الأمن القومي العربي، في أبعاده السياسية والاقتصادية. جاءت هذه الخاتمة مستعرضة للخصائص والميزات المشتركة للعالم العربي، وتحديد مواضع الضعف في الجسد العربي، ومهددات أمنه القومي، وقراءةً للأمن القومي العربي في ظل التطورات الدولية الراهنة، التي تبرز فيها بصورة واضحة أنماط جديدة لعلاقات دولية غير متوازنة، تعلى من قيم الرأسمالية الغربية، وتحط من قدر الثقافات والحضارات الأخرى، وتهدف فيما تهدف إلى استيعاب الإرث الحضاري الإنساني بأكمله في قالب واحد.

أوضحت في نهاية هذا الجهد المتواضع رؤيتي لبناء استراتيجية عربية للأمن القومي، تستدرك الموروثات الثقافية والدينية العربية والتجربة التاريخية، ومن ثم وضع مقترحات لاستراتيجية عربية مشتركة واليات لتنفيذها. واستدراكا لأهمية البعد الاقتصادي في الأمن القومي العربي، وضعت نقاطاً عشر آمل أن تصلح كنقطة انطلاق لعمل عربي اقتصادي مشترك، تكون انطلاقته القمة العربية الاقتصادية الأولى التي ستنعقد في الكويت في عام 2009م.

لا يفوتني أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل من أسهم في أن يرى هذا العمل المتواضع النور، وان تكون صفحات مقروءة لكل مهتم بالشأن العربي، حادب على تعزيزه تطويره، وهو إنما جهد اسأل الله العلى القدير أن يجعله مفيدا يضاف إلى المكتبة العربية. واخص بالشكر كل من الامام الصادق المهدي رئيس وزراء جمهورية السودان ووزير دفاعه السابق، ورئيس حزب الامة القومي، والدكتور احمد احمد الجويلي، امين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية علي تقديمهما للكتاب، و د. الطيب زين العابدين، استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، علي تقديم مراجعته وتنقيحه، ، والدكتور فريق ركن/ عمر محمد الطيب، النائب الاول لرئيس جمهورية السودان في عهد الرئيس الاسبق جعفر نميري، ورئيس جهاز أمن الدولة وقتئذٍ والخبير فى شئون الأمن القومى، والذي كانت له إضافات ثرة وبناءة. واشكر أيضا السيد/ الزبير احمد الحسن، وزير مالية جمهورية السودان الاسبق، والدكتور محمد خير الزبير، وزير مالية جمهورية السودان الاسبق والنائب الحالي لمدير مصرف الساحل والصحراء بالجماهيرية الليبية، اللذين أسهما بآراء قيمة ساعدتني كثيرا في تبين معالم وافق القضايا الاقتصادية والوضع الاقتصادي العربي. والشكر موصول للمستشار بوزارة الخارجية محمد الغزالي التجاني سراج، والمستشار حسن حامد، الذي يعمل بمندوبية السودان الدائمة بنيويورك، على ما بذلاه من جهد مقدر ساهم في إخراج هذا الكتاب على الوجه الذي هو عليه.

د. مصطفى عثمان إسماعيل

الصفحات