أنت هنا

قراءة كتاب أسرار لورنس العرب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أسرار لورنس العرب

أسرار لورنس العرب

لقد اقترن اسم لورنس عند كل عربي في هذه البلاد بالشجاعة، وقوة الشخصية، والكفاءة في نسف خطوط ومركبات السكك الحديدية. ولست متأكداً إذا كان السبب في هذا هو حنكته، أو الغموض الذي أحاط به نفسه، أو انتفاع بعض أبناء القبائل من عملياته.

تقييمك:
3.5
Average: 3.5 (4 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
العمل بمكتب الخرائط بالقاهرة
 
عاد لورنس بعد انتهاء مهمته في أكسفورد، وقيام الحرب العالمية الأولى، إلى القاهرة. وحاول أن يتطوع جندياً في الجيش البريطاني. ولكن طلبه رُفض، لقِصَر قامته خمسة سنتيمترات عن القياس المطلوب وقتئذ. وأما نيوكومب وولي، فقد قَبِلَ تطوعهما، وأُرسلا إلى فرنسا. ولكنهما عادا إلى مصر بعد ذلك: نيوكوب إلى القاهرة، وولي إلى بورسعيد. ثم عيّن السيرن جيلبرت كلايتون لورنس، بتوصية من هوجارث، في مكتب الخرائط التابع لمكتب الاستعلامات البريطانية في القاهرة. فعمل لورنس ملازماً ثانياً تحت رئاسة الكولونيل هيدلي. ولكن شخصيته ومعلوماته سرعان ما طغت على شخصية ومعلومات زميليه في المكتب: لوجان وكروسثويت. حتى ذكر هيدلي بعد ذلك أن لورنس قد أصبح «يدير المكتب منفرداً». وقد رُقي لورنس في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1914 إلى رتبة كابتن.
 
وقد انحصر علم لورنس في مكتب الاستعلامات البريطانية بالقاهرة في جمع وتمحيص المعلومات المستخدمة في إعداد وتحديث الخرائط والمنشورات العسكرية، والإشراف على طبعها في مطبعة الحكومة المصرية ببولاق. فكان عمل لورنس يأخذه من مكتب الاستعلامات بقصر النيل إلى القيادة العامة البريطانية في فندق سافوي بالقاهرة، إلى إدارة الساحة المصرية في الجيزة، إلى مطبعتها في بولاق. وقد خُصِّصت له دراجة بخارية عسكرية يتنقل بها بين هذه الأماكن. وكانت هذه أولى الدراجات البخارية التي اقتناها لورنس، والتي أخذ يقودها بعد ذلك بسرعة كبيرة تجاوز أحياناً المائة كيلومتر.
 
وقد تعرف لورنس في القاهرة على المستشرق الإنجليزي وعضو مجلس العموم البريطاني، أوبري هربرت وجورج لويد (بعد ذلك اللورد لويد). وكانت علاقاته بجبيلبرت كلايتون ورونالد ستورز (السكرتير الشرقي للسفارة البريطانية) قوية.
 
وكان لورنس يتردد بكثرة على منزل ستورز لقراءة الكتب اللاتينية والإغريقية في مكتبته وللاستماع إلى عزفه على البيانو. وكان مندوب بريطانيا السامي في مصر وقتها مكماهون، ومنذ أواخر عام 1916، اللورد وينجت. وكان لستورز صوتاً مسموعاً لديهما.
 
وفي شباط/فبراير عام 1915 قام الأتراك بهجومهم غير الموفق على حدود مصر الشرقية. وأسر الإنجليز أعداداً كبيرة من جنود الفرقة الخامسة والعشرين الذين جُنِّدوا من المناطق المحيطة بدمشق. فأوكل كلايتون إلى لورنس مهمة استجوابهم. وقد ذكر لورنس بعد ذلك أنه كان يذكر للجندي الذي يستجوبه اسم أحد أبناء الإقليم الذي جاء منه، فيثرثر الجندي بكل ما يعرفه من أخبار ومعلومات. وتؤكد هذه الحادثة معرفة لورنس بأبناء ولهجات وعادات المنطقة التي عاش فيها في سوريا قرابة أربع سنوات. وقد أكد ستورز أن لورنس كان يعرف، زيادة على معرفته بالعربية، كلمات تركية كثيرة.
 
كتب لورنس في أحد خطاباته في نيسان/إبريل عام 1915 تعليقاً على سير الحرب وقتئذ:
 
«المسكينة تركيا. لقد تهلهلت أجزائها، ومع ذلك فإن بعض الناس يتحدثون عن معجزات قامت بها أخيراً، ولكن هذه المعجزات أحقر من أن توصف بالكلمات. إن كل شيء عنها مقزز».
 
وسنلاحظ أن كراهية لورنس لتركيا كانت كبيرة، وقد كره بعد ذلك فرنسا، وأراد حجبها عن أي وجود في الدول العربية.
 
وفي عام 1915، أشرف لورنس على وضع وطبع دليل عسكري لمنطقة سيناء. ثم أوفده كلايتون في بداية العام التالي، إبريل 1916، في مهمة سرية إلى العراق. وهناك قابل لورنس لأول مرة عميلة المخابرات البريطانية جيرترود بيل Gertrude Bell (1868-1926) التي كانت تعمل مساعدة لرئيس المخابرات البريطانية في العراق السير بيرسي كوكس.
 
مع أن لورنس قد فشل، كما سيجيء، في مهمته في العراق، وهي محاولة إنقاذ القوات البريطانية المهزومة والمحاصرة في كونت العمارة. فإن مقابلته لجيرترود بيل تعتبر نقطة تحول هامة في حياته. إذ سحر لورنس بحديث جيرترود بيل. وقضى ساعات طويلة من الأيام التي قضاها في البصرة وهو يستمع إلى حديثها عن «وحدة الدول العربية» وعن ضرورة أن تجمعها بريطانيا، وأن تؤلف لها «حكومة عربية واحدة» تكون خاضعة لها !

الصفحات