قراءة كتاب نقد الشاعر فى مدرسة الديوان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نقد الشاعر فى مدرسة الديوان

نقد الشاعر فى مدرسة الديوان

كتاب " نقد الشاعر فى مدرسة الديوان " ، تأليف د. أحمد يوسف علي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 2

لذلك كان ابن الرومي – على الرغم من اتساع التراث الشعري وثرائه – أول شاعر نال اهتمام هذه الجماعة، وأول شاعر تحققت في شخصيته، وفي شعره، أفكار هذه الجماعة وأول شاعر أثمر المنهج النفسي الذي نهجت هذه الجماعة أداة للبحث العلمي – ثمرته ولأن هذه المدرسة نهضت على الفلسفة الفردية التى ترى الفرد محور الكون والوجود، وأسست مفهوماً للأدب تمثل في أنه صياغة وجدانية لوقع الوجود وأشيائه على ذات الشاعر أو الأديب، فإنها قد اهتمت بدرس شخصية الأديب أو المفكر بوصفه عبقرياً تتجلى في آثاره عبقريته، وتتبدى ملامحها العقلية والنفسية والمادية، وأسست مفهوماً للعبقرية ينهض على أن الإنسان العبقري إنسان فرد متميز منطقه فوق منطق عصره، وتراث أمته ولغتها، ومن ثم فهو صانع التاريخ، وكما أن آثاره تدل عليه فإنه يدل على عصره وتاريخه، وقد دفعها هذا المفهوم إلى بلورة موقفها من التاريخ في نقطتين: التاريخ بوصفه تاريخ أفراد، ونماذج، وتقاليد وخصائص. والتاريخ بوصفه نتاجاً لعبقريات، ومن ثم فإنه يأتي – في مجال الترجمة الباطنية للعبقري – وراء السياق النفسي للإنسان العبقري، فإذا وافق التاريخ ما تدل عليه آثار العبقري فإنه صادق، وإذا ما تناقضا، فإن ما تدل عليه هذه الآثار هو الصادق.

وقد تجلت كل هذه المبادئ الفكرية والجمالية في حوار جماعة الديوان مع ابن الرومي الذي جسد أزمة أعلام هذه الجماعة، وهي أزمة نفسية ذات انعكاسات اجتماعية وفكرية، وهم أيضا، بادلوه حباً بحب، إذ بعثوه من جديد وكأنه، بل هو بالفعل، الشاعر الوحيد في تراث الإنسانية على حد تعبير العقاد والمازني.

وقد تجلت أصوات الحوار النقدي عند هذه الجماعة بين ضفاف أفكارها ومبادئها، ومن ثم فإنها قد امتازت من المستوى الأول الذي كان حواراً نقدياً بلا ضفاف وامتازت أيضاً من هذا المستوى بأن أصوات حوارها قد تبدت علي صفحات دوريات مثل الرسالة والثقافة، وعلى صفحات كتب بعينها عند العقاد والمازني هي "حصاد الهشيم" و "ابن الرومي حياته من شعره" وإشارات متفرقة في كتب أخرى للعقاد.

وكان طبيعياً أن يقف البحث عند أهم القضايا التى أثارها المستوى الأول على الرغم من أن كُتّابه لم يصدروا عن فكر موحد، مستعيناً بالمقارنة والتحليل والتفسير للوصول إلى مقدار التباين والتناظر الذي أثاره كتُّاب هذا المستوى، والذي حركهم في الوقت نفسه بغية وضعهم في إطار فكري يوحد، ويبرز ما قد يحدث من اختلاف ولذلك قسمنا هؤلاء الكُتّاب إلى مجموعات ثلاث: كل مجموعة ثلاثة من الكتاب الذين اشتركوا في تناول قضية أساسية تتصل بشعر ابن الرومي أو بشخصيته. والملاحظ أن المجموعة الثالثة تميزت من الآخرين بأن كُتّابها كتبوا كتباً مستقلة عن الشاعر صدرت عن منهج تاريخي.

أما المستوى الثاني: فإن تناولنا له، لم ينفصل عن طبيعة تناولنا للمستوى الأول من الحوار النقدي حول الشاعر، ونقصد بذلك أن المقارنة والتحليل والتفسير كانت أدوات منهجية تحكمت في تناول كل من المستويين، غير أن المستوى الثاني وهو – جماعة الديون – كان أكثر خصوبة، وأوسع عرضا للقضايا والمسائل التى اتصلت بالشاعر بوصفه عبقرية ذات علاقة بالتاريخ، وبشعره بوصفه نمطاً شعرياً متفرداً عند هذه الجماعة، تجلت فيه كل ملامح الوجدان الفردي، والتعبير عن الشخصية، وبأسباب هذا التفرد والفردية في شخصية الشاعر أو في شعره، فقد رد أعلام جماعة الديوان هذه الأسباب إلى وراثة عرقية كما لمحوا آثار عبقرية الشاعر في قدراته على التصوير والتشخيص، والتصوير الهزلي خاصة، ومن ثم فإن التوسع في العرض والثراء في الحوار، كانا أمرين ضروريين عند جماعة الديوان التى رأت أن هذا الشاعر وشعره، قد حققا أفكارها، لذلك وقفنا عند هذه القضايا والمسائل وقفات مستقلة مقارنين ومحللين ومفسرين، ولم يكن ليستبين لنا كل هذا إلا بفهم موقف هذه الجماعة من التاريخ ومفهومها للتاريخ الأدبي، والتراث الشعري.

وبعد هذا التوضيح، فإنه يبدو للقارئ أن هذا البحث قد جاء في جزأين جسدا طبيعة ما دار حول الشاعر من حوار نقدي: الجزء الأول هو "حوار نقدي بلا ضفاف" والجزء الثاني هو "حوار نقدي بين ضفاف" ربط بينهما أنهما صدرا عن فكر النهضة النقدية سواء الإحيائي أو الرومانسي. وأن هذا الفكر كان يمثل إطاراً عاماً من الثقافة التى تحدد توجهات الحركة نحو التراث ونحو الذات (الحاضر) ونحو الآخر (الغرب). وأن هذين الجزأين ينطلقان من الإيمان بثراء حقيقة تاريخية ومادية هي الشاعر وشعره اللذان دار حولهما هذا الحوار.

ولا يخفي على القارئ أننا لم نتناول ما كتب عن الشاعر في تراث طه حسين النقدي والتاريخي، لأننا رأينا أن طه حسين ومدرسته، يمثل منهجاً مستقلاً في التناول والمعالجة آثرنا أن نبقيه هو وآخرين لدراسة مستقلة. كما يجب الإشارة إلى أن هناك عدداً من الرسائل الجامعية تعرضت في إطار موضوعها لنقد الشاعر مثل "شعر السخرية" في العصر العباسي عام 1974، جامعة القاهرة، و "التشبيه في القرون الأربعة الهجرية" عام 1966 و "الوصف في الشعر العربي" عام 1968. بالإضافة إلى ما كتبه كُتّاب تاريخ الأدب العربي، وما كتبه أنيس المقدسي، وهو عشرون صفحة في كتابه "أمراء الشعر في العصر العباسي"، وما كتبه محمد عبد المنعم خفاجي عن "التشبه في شعر ابن المعتز وابن الرومي" فإن كل هذه المادة النقدية والتاريخية نأمل – إن شاء الله – أن نقف عندها في درس مستقل، ونسأله تعالى العون والتوفيق.

الصفحات