أنت هنا

قراءة كتاب قضايا وتجليات في رسائل النور

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قضايا وتجليات في رسائل النور

قضايا وتجليات في رسائل النور

كتاب " قضايا وتجليات في رسائل النور " ، تأليف د. مأمون فريز جرار ، والذي صدر عن دار المأمون للنشر والتوزيع عام 2014 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 8

مستقبل العالم الإسلامي

كما يتجلى في الخطبة الشامية

من الله تعالى على الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي بمجموعة من الأمور التي أهلته لمقام التجديد في هذا العصر، منها: الذكاء الخارق، والعلم الواسع، والعقل الناقد، والبصيرة الثاقبة، والحدس الصادق، والتجربة العريضة العميقة في جوانب متعددة من الحياة .

كل ذلك جعله بنور الإيمان قادرا على استشراف المستقبل، وشق حجب الزمان، والتنبؤ بمستقبل الإسلام في زمن كثرت فيه المؤامرات، ووصل الخراب إلى عقر دار الإسلام، حين تبنى نفر من أبناء المسلمين تنفيذ مخططات الأعداء لضرب الإسلام، والسير وراء الحضارة الغربية خطوة خطوة، بل نفذوا المخطط الذي أشار إليه وزير المستعمرات البريطاني غلاديستون بإبعاد المسلمين عن القرآن، فقال الأستاذ النورسي6 يومها ردا على ذلك: "لأبرهنن للعالم بأن القرآن شمس معنوية لا يخبو سناها، ولا يمكن إطفاء

نورها "(34).

إن من متطلبات الرؤية الصادقة لمستقبل الأمة أن يحسن الإنسان تشخيص دائها الحاضر وجذوره الماضية، وأن تكون لديه الرؤية الواضحة لعلاج الأمراض المستعصية، والخروج من الأزمة الراهنة. وهذا ما وجدناه جليا لدى الأستاذ النورسي 6.

ولا بد من التنبه إلى أمر مهم هو أن الأستاذ النورسي 6 الذي جعل حياته مرحلتين: سعيد القديم وسعيد الجديد لم يخلع من فكره كل ما أنتجه سعيد القديم ولم يتبرأ منه ولم يتخل عنه، ودليل ذلك أنه أشرف بنفسه على إعداد رسائل النور في صورتها النهائية، وقام بتدقيقها والإشراف على نشرها، وكان مما احتفظ به فيها كثير مما كتبه سعيد القديم، ومنه:إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز، وصيقل الإسلام.

ومما ورد في صيقل الإسلام، الخطبة الشامية، تلك الخطبة التي ألقاها عام 1911 في المسجد الأموي في دمشق، وأعاد النظر فيها بعد أربعين عاما، ونقحها و"ضم إليها فقرات مهمة وهوامش قيمة، وحذف منها ما يحدد شموليتها"(35).

وقال عنها الأستاذ النورسي 6 في مقدمته لها بعد تلك التعديلات: "إن الحقائق الواردة فيها، قد أحسَّها "سعيد القديم" بإحساس مسبق فزفها بشائر عظيمة بيقين جازم، ظناً منه أن تلك الحقائق وشيكة التحقق، بيد أن الحربين العُظميين، والاستبداد المطلق الذي استمر ربع قرن من الزمان قد أدّيا إلى تأخر تحقق تلك الحقائق أربعين أو خمسين عاماً. والآن وقد بدأت تباشير تحقق ما أخبر عنه تلوح في أفق العالم الإسلامي. بمعنى أن هذا الدرس المهم ليس مجرد خطبة قديمة، قد عفا عليها الزمن، بل هو درس اجتماعي إسلامي، يحتفظ بكامل جدته وطراوته وحقيقته طوال هذه الفترة، وكل الذي حدث هو أن عام 1327هـ قد أصبح عام 1371هـ وأن الجامع الأموي قد حل محلّه جامع العالم الإسلامي الذي يضم ثلاث مائة وسبعين مليون نسمة"(36).

اكتسبت هذه الخطبة أهمية كبيرة منذ إلقائها، فقد طبعت أكثر من طبعة، واهتم بها الدارسون وعقدت حولها الدراسات المتعددة والندوات المتكررة. وتظل هذه الخطبة موضع دراسة واهتمام خاص لأنها مثلت تشخيص الأستاذ النورسي 6 لواقع الإسلام والمسلمين ومستقبلهم، والإجابة عن السؤال الذي كان يلح على مفكري الإسلام في ذلك العصر: لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟

ولم يقتصر الحديث عن حال المسلمين ومستقبلهم على الخطبة الشامية بل نجد حديثا عن ذلك في مواضع متعددة من صيقل الإسلام ومواضع أخرى من الرسائل(37).

إن مما يثير الإعجاب أن تجد تشخيصا دقيقا لحال المسلمين وإدراكا واعيا للأمراض التي تمنعهم من التقدم وهي:

"أولاً: حياة اليأس الذي يجد فينا أسبابه وبعثه.

ثانياً: موت الصدق في حياتنا الاجتماعية والسياسية.

ثالثاً: حبّ العداوة.

رابعاً: الجهل بالروابط النورانية التي تربط المؤمنين بعضهم ببعض.

خامساً: سريان الاستبداد، سريان الأمراض المعدية المتنوعة.

سادساً: حصر الهمة في المنفعة الشخصية (38).

إننا أمام أمراض فردية وجماعية: نفسية واجتماعية وسياسية، تضافرت كلها فأنتجت التخلف في حياة المسلمين، وقد انكشفت تلك الأمراض للأستاذ النورسي فصاغها في إيجاز ثم تحدث عن الأدوية لها من خلال تفصيل تلاها، ولنقف وقفات مختصرة مع كل مرض منها.

الصفحات