قراءة كتاب العلاقات العربية الساسانية خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العلاقات العربية الساسانية خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد

العلاقات العربية الساسانية خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد

كتاب " العلاقات العربية الساسانية خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد" ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 5

إيران

تقع ايران في القسم الجنوبي الغربي من قارة اسيا، وتعتبر هضبتها من الناحية الطبيعية وحدة طبيعية واحدة لانها محاطة بسلاسل جبلية من عدة جهات فاصبحت جبالها حدوداً تفصل بينها وبين جيرانها ([22])، ففي الاقسام الشمالية الغربية وحتى الاقسام الجنوبية الشرقية تمتد سلاسل جبال زاجروس بطول 620 ميلاً وعرض 120 ميلاً([23]).

والى الشمال من تلك الهضبة تمتد سلسلة جبال البرز التي يقل ارتفاعها في مرتفعات جبال خراسان، مما ساعد على تدفق الغزاة من اواسط اسيا الى ايران عبر التاريخ بينما في الاقسام الجنوبية من ايران تمتد سلسلة جبلية اخرى يقطعها ممران احدهما يعد المنفذ الى ميناء بندر عباس على ساحل الخليج العربي والثاني يفضي الى بلوجستان وقطا ([24]).

وتحادد ايران عدة اقاليم وشعوب ففي الشمال تتاخم حدودها بحر قزوين وتركستان، وفي الجنوب الخليج العربي وخليج عمان. ومن الناحية الغربية تمتد حدودها مع بلاد وادي الرافدين، اما حدودها الشرقية فتتآخم حوض نهر السند ([25]).

ومناخ هضبة ايران مناخا قاريا، أي انه بارد شتاء حار جاف صيفا مع وجود بعض المناطق الممطرة عند سواحل بحر قزوين وجبال البرز حيث تكون كمية الامطار السنوية الساقطة غزيرة وجيدة التوزيع على مدار السنة. بينما تتميز السواحل الايرانية القريبة من الخليج العربي بمناخها الحار الرطب، وتعرضها احيانا لهبوب الرياح الموسمية ([26]).

ونظرا لقلة الامطار السنوية الساقطة على الهضبة الايرانية، وشيوع الجفاف فقد اصبح جزء من هذه الهضبة وخاصة المناطق المنخفضة منها صحارى كصحراء دشت الكافر، وصحراء لوط.

وتبعا لظروف المناخ السائدة في ايران فقد اصبح النبات الطبيعي محدودا في انتشاره في ايران لنفس الاسباب، ومع ذلك فان هناك بعض الغابات في اقليم كردستان ولورستان كما توجد الكثير من المراعي الجبلية في اذربيجان وكردستان وفارس الشمالية، حيث تكون اشجارها من نوع الاشجار النفضية الكثيفة مثل البلوط والدردار([27]).

وتزرع الحبوب كالحنطة والشعير وبعض انواع الغلات كالقطن في بعض المناطق الخصبة وخاصة تلك الاودية المحصورة بين الجبال اضافة الى انتاج الفواكه كالكروم والتين والرمان ([28]).

ولقد اصبحت هذه الاودية مواطن لتطور حياة الايرانيين في هذه الهضبة وكذلك حول بعض الواحات([29])، ولكن مثل هذه الامكانات المحدودة التي تمنحها الطبيعة للانسان لا تساعد على قيام الدول الكبيرة وربما يمكن ان تكون مثل هذه المناطق ملائمة للدولة عند الولادة ولكنها غير مناسبة لها في مرحلة الشباب. بينما تتمتع الاقاليم السهلية بهذه الميزة التي تناسب الدولة في مرحلة الشباب لما تتمتع به من خصب، وسهولة في المواصلات، ولهذا كان اقليم فارس الذي يقع في القسم الجنوبي الغربي من ايران، حيث يجد سهل خوزستان (الاحواز) سوزيانا القديمة. والذي يعد من الناحية الجغرافية امتداد لسهل وادي الرافدين وقد استهوى قلوب بعض القبائل الفارسية من سهوب اواسط اسيا فتدفقت عليه واتخذته موطنا لها في الالفين او الالف سنة قبل الميلاد([30]).

ومن هنا فان الامبراطوريات التي قامت في بلاد ايران اتخذت من اقليم فارس مركزا لها في حضارتها وقوتها وتطورها وما خلفته من نقوش واثار.

فقد شهد هذا الاقليم قيام عدد من الدول التي تتابعت على حكم بلاد ايران منها الدولة الاخمينية او الكيانية التي اسقطها الاسكندر الكبير في معركة (كوجاميلا) بالقرب من اربيل سنة 331 ق.م. ثم الدولة البارثية (249ق.م-226م) او هي التي عرف عمرها بعصر ملوك الطوائف بسبب تفرق شمل الايرانيين الى كيانات سياسية متعددة، ثم الدولة الساسانية (226-652م) ([31])، وهي التي نحن بصدد التعريف بها.

وقد اعتبرت هذه الدولة نفسها وريثة للدول التي قامت في بلاد ايران وخاصة الدولة الاخمينية التي عاشت بين القرنين السابع والرابع قبل الميلاد، في المجال العسكري والرغبة في التوسع والهيمنة على المناطق المجاورة لها، ويشير الى هذه العلاقة بين الساسانيين وبين الاخمينيين ابن خلدون في حديثه عن اردشير مؤسس الدولة الساسانية، وهو ينقل عن رواية لهشام بن الكلبي بقوله (قام (أي اردشير) في اهل فارس يريد الملك الذي كان لابائه قبل الطوائف ([32]).

ولم تمض سوى فترة قصيرة على قيام هذه الدولة حتى اصبحت اعظم قوة في تاريخ غرب اسيا، ودخلت في حروب عديدة مع الرومان، ثم البيزنطينيين في الغرب ومع الكوشانيين والهياطلة / (الترك) في الشرق، ومع القبائل البدوية في الشمال([33]).

ونتيجة لهذه النزعة العسكرية التي طبعت السياسة الساسانية منذ قيام الدولة فان ردود الفعل كانت قوية تجاه هذه النزعة في كل من روما وكوشان والهياطلة ([34]).

وقد اصبح هذا الصراع خاصة بين الدولتين الساسانية والرومانية والبيزنطينية فيما بعد جزء مهم من تاريخ المنطقة، فترتبت عليه تغيرات سياسية واقتصادية مهمة في جنوب غربي اسيا والشرق العربي.

ومن ناحية اخرى فان هذا الصراع يعد امتداداً لذلك الصراع الذي كان قائما بين الاخمينيين، ثم البارثيين وبين اليونان والرومان وهو صراع شغل حيزاً واسعا من التاريخ السياسي لمنطقة الشرق الاوسط في العصور القديمة اذ امتد من منتصف القرن السادس قبل الميلاد الى الربع الاول من القرن الثالث الميلادي حيث بعث بشكل جديد على يد الساسانيين.

الصفحات