أنت هنا

قراءة كتاب على صليب الإبداع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
على صليب الإبداع

على صليب الإبداع

كتاب " على صليب الإبداع " ، تأليف زينب علي البحراني ، والذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والاعلام ،
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

تقديم

د. محمد نجيب بن محمَّد العمامي

أستاذ الأدب الحديث بجامعة سوسة (تونس)

وجامعة القصيم (السعوديَّة)

لعلَّ زينب علي البحراني عُرفت ، أوَّلَ ما عُرفت، من خلال مجموعتها القصصيَّة "فتاة البسكويت" المنشورة سنة 2008. إلاَّ أنَّه يبدو أنَّ اهتمامها سُرعان ما تحوَّل من الكتابة عن شخصيَّات متخيَّلة لها بواقع البشر صلات إلى فئة من البشر يصطلح عليهم باسم أهل الأدب. وقد بدأت بالكتابة عن نفسها في مؤلَّفها "مذكِّرات أديبة فاشلة" المنشور سنة 2011م. وها هي اليوم تطالعنا بسِفر ثالث اختارت له عنوانًا رئيسًا "على صليب الإبداع" وعنوانًا فرعيًّا "عِندما يُفصِح المُبدعون عن أوجاعِهِم".

ويتجلَّى من العنوان أنَّ المؤلِّفة انتقلت من الهمِّ الفردي إلى الهمِّ الجماعي، بل قل إنَّها نزَّلت قضيَّتها الشخصيَّة في إطار جماعي. فخرجت بها من حدودها الفرديَّة الضيّقة إلى مجالٍ أوسع وأشمل. فحوَّلتها إلى قضيَّة عامَّة تتجاوز "أهل الأدب" إلى كلِّ من لهم به صلة بدءًا من الناشر وانتهاءً عند المجتمع بجميع مكوّناته ومراتبه. ويتبيَّن من العنوانين وتحديدًا من لفظتي "صليب و أوجاع" أنَّ الأديب ضحيَّة بل مسيح العصر الجديد وأنَّ أوجاعه متأتِّية من جلاَّديه،مجتمعه وناشريه.

والكتاب مجموعة ثرِّية من شهادات مبدعين من جلِّ الدول العربيَّة وفق محاور محدَّدة ومحدِّدة هي "علاقة المبدع بالآخرين" و"الموقف من الثقافة والشلليَّة" و"المبدع ومهنته" و"المبدع والناشرون" و"المبدعات وقيود المجتمع" و"المبدع والمستغلُّون" و"المثقّف وهمومه" والمبدع وظروفه المادّيَّة" و"المبدع وهواة النقد" و"المبدع واعتزاله". وتبرز أهمِّية هذه الشهادات في كونها، أساسًا، شهاداتٍ حيَّة لأشخاصٍ مختلفين جنسًا وسنًّا وجغرافيا وخبرةً وشهرة. إلاَّ أنَّ دور زينب البحراني لم يقتصر على تجميع الشهادات وإعدادها لتخرج على الناس كتابًا يقرؤونه فيقرؤون بعض معاناة نفر من الكاتبات والكُتَّاب. وإنَّما تعدَّاه إلى طرح الأسئلة وتبويب المحاور وتفريعها إلى محاور ثانويَّة والتمهيد لها والتدخُّل أحيانًا لنقل ما لا يمكن لخطاب محاورِها أن يحويه كالنبرة وغيرها. ويكمن دورها الأساسي في توجيهها كامل الشهادات. فهي التي حدَّدت الأسئلة سلفًا وطرحتها بشكل يسمح لها بأن تسير في الوجهة التي تريدها هي. وهي الوجهة التي تفضي إلى كشف أوجاع المبدع وتصوير مسار صلبه.

وإنَّ القول إنَّ الشهادات كشف لأوجاع لا يعطي فكرة واضحة عن الكتاب. فالكشف مقصد رئيس لا محالة ولعلَّ الأهمّ فيه هو أنَّه تمَّ عبر تشخيص دقيق لأوضاع المبدع الراهنة سواء منها ما تعلَّق به شخصيًّا أو ما كان منها متجاوزًا له ومرتبطًا بأطراف أخرى.

والقول إنَّ الكتاب شهادات، شهادات "ضيوف" الكاتبة وشهادة الكاتبة نفسها يجلّي، حتمًا، الطابع الذاتي لهذه الشهادات. فهي مواقف ووجهات نظر شخصيَّة. ولعلَّ الذاتيَّة تشمل أيضًا نقل بعض الوقائع المقدَّمة على أنَّها حقائق لا تردّ. ونعني، تحديدًا، تلك المتعلِّقة بتعامل المبدعين مع الناشرين. وتقتضي الموضوعيَّة أن نقول إن لا شيء في الشهادات يدلُّ على مجافاتها الواقع، كما أنَّ لا شيء يدلُّ على مطابقتها الواقع. فكلُّنا نعلم أنَّ الحدث الواحد قد يرويه أشخاص. فإذا هو أحداث تتقاطع حينًا وتختلف حينًا آخر. ولعلَّ مسؤولية الفرز بين المطابق للواقع والمجافي له وتبّين الخيط الأبيض من الخيط الأسود لا تقع على غير القارئ.

وختامًا يمكن القول إنَّه كان بالإمكان تقليص محاور الكتاب إلى ثلاثة وفق دوائر تتّسع من الأضيق إلى الأوسع؛ أي من المُبدع في ذاته إلى علاقته بالمجتمع مرورًا بعلاقته بدار النشر التي تسمِّيها الكاتبة "خرابة النشر". كما يمكن القول إنَّ الكتاب شهادة فيها تشخيص لواقع واقتراح لحلول ولوحة شديدة القتامة قد نعترض على بعض ما جاء فيها بالقول إنَّ مُكابدة الصعاب شرطٌ من شروط الفرز بين من جمعتهم الكاتبة تحت خيمة الإبداع.

الصفحات