أنت هنا

قراءة كتاب على صليب الإبداع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
على صليب الإبداع

على صليب الإبداع

كتاب " على صليب الإبداع " ، تأليف زينب علي البحراني ، والذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والاعلام ،
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

غُربة رُوحِيَّة دائمة

بينما رأى الشّاعر العراقي "د.مقداد رحيم" أنَّ الإجابة عن مثل هذا السؤال أمام حتميَّة غياب الوعي لحظة الإبداع تكاد تقترب من المُستحيل؛ وأوضح: "لا يوجد "كيف" لتجاوز هذه الأزمة، أو الخلاص مِنها، فالمُبدع غائبٌ عن وعيه في لحظة الإبداع شاء محيطه أم أبى، وإذا شاء أن يتخلّص من هذه العُزلة الإبداعية فليكفَّ عن الإبداع، وإلا فليكفَّ المجتمع عن العبث بعزلته والاستهانة بها، وعَـدِّها ضربًا من الجنون أو الشذوذ غير اللائق في التصرّف.. هذه العُزلة التي ليست هي سِوى ضريبة يقتطعها المُبدع من أثير أوقاته، ومَكْمَنِ راحَتِه، وسَامِقِ علاقاته، ولذلك فالكاتب المُبدع مغبون الحق، حتى لو أنصفه المجتمع وخفف من حِدَّة التضارب بينهما".

ويؤكّد رحيم: "إن الكثير من النصوص المبدَعة ضاعت أو أدركها التشويه بفعل زلزال الفهم الخاطئ لعُزلة المُبدع، وأحاسيسه المرهفة، وكثير مِن المُبدعين آثروا العيش الطبيعي في مُحيطهم درءًا للظنون!"

أمّا الأديب العراقي "د.محمد صابر عبيد" فيؤكِّد أنَّ المُبدع غير مُلزم بتكييف سلوكه على نحوٍ يُرضي المُجتمع أو يتّفق معه، وعن هذا قال: "المُبدع يعيش في غربة دائمة عن مجتمعه مهما بلغت ثقافة هذا المجتمع، وهذه الغربة تمثِّل محركًا مركزيًا ضروريًا من محرِّكات الإبداع، والأديب ليس بحاجة إلى أن يكيِّف سلوكه على النحو الذي يُناسب المُجتمع مُطلقًا، بل على المُجتمع أن يفعل ذلك، إذ أن الأديب مهما كان هشًّا ومُفرط الحساسِيَّة فهو قويٌّ جدًا ومحطُّ أنظار جميع أفراد مُجتمعه، وعليه أن لا يَكون معنيًا سوى بشيءٍ واحِد هو العَمل المُستمر على تطوير نموذجه من الدَّاخل بمزيد من القدرة على الإدهاش".

ومن جهته أوضح القاص العراقي "نصرت مردان" أنَّ توقُّع التوافق بين موقف الأديب وموقف المُجتمع المَحْكوم بما تطبّع عليه من سلوكيّات مقولبة أمرٌ غير ممكن في الغالب، وأكّد هذا بقوله: " لأن فعل الكتابة والإبداع يحمل في جوهره التمرد والسؤال والتساؤل تجاه الموروث والمتعارف عليه. قدر الكاتب أن تظل علاقته ضبابية ومتناقضة على ما تطبع عليه المُجتمع بشكل عام. لذلك فان انتظار التوافق دائمًا بين موقف الأديب مع المُجتمع الذي تحكُمُه التقاليد والوصايا غير مُمكن في أكثر الأحيان. أساس الأدب هو التمرد على المألوف والشائع بينما خصوصية المجتمع هو الحفاظ السّلوك العام من خلال تسْييد الأعْراف والتقاليد والسّلوك المُقولب . وفي رأيي لا يُمكن تجاوز هذه الأزمة في المَواقف دائمًا وفي كل الأحوال. المطلوب في هذه المُعادلة احترام الكاتب لخصوصيّته وإبداعه وعدم التضحية بهما" .

واستطرد مُضيفًا: "كما أن النص الأدبي أو الفني لا يمكن أن يكون مُتمردًا من أجل التمرد فقط. فالأديبُ الأصيلُ لا يُمكن أن يكون متمردًا لأنه يودُّ نشر ثقافة الخراب، أو يثني على الخلاعة، أو يرفع راية الإلحاد لمجرد أنه يُعارض وصايا ومواقف بعض الدعاة والشيوخ. بل المهم عرض مواقفه التي لا تتفق مع سياقات المجتمع والتقاليد بشكل لا يتخلى فيه مطلقًا عن الإبداع، فالإبداع يجب أن يكون صنوًا لأي نص ثقافي أو فني مهما اختلف نهجه"

وختم حديثه بقوله: "ليس ثمة صيغة مثلى للوصول دائمًا إلى التوافق مع سلوك المجتمع، وأنا شخصيًا لم أسعَ قط إلى مثل هذا التوافق الافتراضي، بل أترك قلمي منطلقًا بانسيابية وحرية مطلقة دون أن أفكر ولو للحظة واحدة أن أكتب إرضاءً لأشخاص، أوجهات، أو صحف، أو مواقع إلكترونية، أو لكسب ود أحد مهما كان. لأنني أؤمن بأن مثل التوافق الافتراضي صعب المنال؛ إن لم يكن مستحيلاً. فعالم الأديب نهرٌ يمشي في المُنعرجات ويحب الأماكن الصَّعبة؛ بينما نهر السلوك الاجتماعي له مجرى ثابت لا يتغير".

الصفحات