أنت هنا

قراءة كتاب على صليب الإبداع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
على صليب الإبداع

على صليب الإبداع

كتاب " على صليب الإبداع " ، تأليف زينب علي البحراني ، والذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والاعلام ،
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10

بامتداد الحياة

" هذا السُّؤال مُمتدٌ بامتدادِ الحَياة كلها، أراني أكتب مَع كُلِّ بلعة ريق!". هكذا علَّق الشّاعر المصري "شريف الشّافعي" قبل أن يسترسل: " إن ترجمة النص الشعري إلى حُروف وكلمات ليسَت إلا المَرحَلة الأخيرة من مَراحل الكِتابة، تسبقها مراحل مُتتالية لا تقل أهميَّة، تشهد كلها انغماسًا تامًّا في خلق النص الشعري، وإن بدا ذلك في إطار الاسْتبصار، والاختزان الدّاخلي".

ويُكمل الشّافعي: "الشعر عندي ليس اهتمامًا، بمعنى الاحتشاد والانشغال والقصديَّة. الشعر عملية حيوية في الهواء الطلق، عادية جدًّا، لكنها لازمة للوجود، شأن التنفس والهضم. الشعر هو "التمثيل الضوئي" الذي فُطِرت عليه روحي، وتمارسه ليل نهار، بكلوروفيلها الخاص جدًّا، ولا تستلزم آلية عملها طاقة الشمس كأوراق النباتات. الميكانيزم مُعقد بالتأكيد، هذا أمر مُسلَّم به، لكنني لا أقف كثيرًا عنده، طالما أن العَمَلية تحدث من تلقاء ذاتها (عمليَّة تحويل طاقة الحَيَاة إلى طاقة شعريَّة)، وطالما أن المُنتج غزير وافر بفضل الله، والأهم أن يكون مُنتجًا جديدًا، مرغوبًا فيه، لا يشبه غيره، قادرًا على أن يترجم بأمانة شفرتي الوراثية، ويعكس مُكابدات صديقي الإنسان في كل مكان، ويرسم صُورة بانورامية لهذا العصر الآلي الرقمي، بتركيز شديد" .

ويستدرك: "أنا لا أبسِّط الأمور أكثر من اللازم، ولا ألغي التخطيط والذهنية ومقومات الاحتراف ولوازم الثقافة والمعرفة التي تنبني عليها أية تجربة شعرية طموح، لكنني أراهن في الأساس على نفاسة المعدن بصورته النقية، على "الشعرية الخام" إذا جاز التعبير.

أن أكون شاعرًا معناه: أن أنبض، أن أحيا. إن "حياة الشعر" مرهونة في الأساس بكونه "شعر حياة"، فبقدرة النص الحيوي على النبض الطبيعي والحركة الحُرّة. بدون أجهزة إعاشة وأسطوانات أوكسجين وأطراف صناعية. تُقاس عافيته وخصوبته، ويتحدد عُمره الحقيقي، ويمتد عمره الافتراضي خارج المكان والزمان.

الكتابة مُمتدة بامتداد لحظات الحياة. الوجع الرُّوحي باقٍ طالما أن الروح باقية. الهشاشة والحساسيَّة جناحان دائمان، طالما أن المخيّلة هي مخيّلة طائر!".

ويرى الشّافعي أنَّ التّضارب، أو سُوء الفهم بين شخصيّته كإنسان وشاعر وبين أفراد المُجتمع المُحيط به لا يتعلَّق بمرحلةٍ محددة من مراحل الانغماس في الكتابة، وأوضح هذا بقوله: "لا أخال أنَّ علاقتي بمن حولي من أصدقاء وشركاء في الأسرة الصّغيرة أو في المُجتمع تتأثر أو تتغير في تلك الفترة التي يُشير إليها سؤالك، فمراحل الكتابة دائمة متصلة ليل نهار. فإذا كان هناك اتساق بيني وبين أغلبيَّة من أتعامل معهم، فهو اتساق دائم مستمر، وإذا كان هناك ارتباك أو "تضارب في السّلوك"، كما يقول السؤال، بيني وبين بعض الذين أتعامل معهم، فهو أيضًا باقٍ ومُستمر. ما من فرد إلا ويُعاني قدرًا من الارتباك في علاقاته بمن حَوله. بالنسبة لي، كإنسان وكشاعر، أحاول ألا أرى الأمر باعتباره أزمة، لأنني ببساطة غير مسؤول عن الآخر. مهمتي في الحياة، وهي أيضًا مهمتي في الكتابة، أن أكون: أنا. وبقدر نجاحي في تصالحي الحميم مع ذاتي، أنجح في تصالحي مع الآخرين. سلطاتي محدودة للغاية، لأنها لا تتجاوز ذاتي، ولهذا أراقب ذاتي كثيرًا، وأترك لها العنان لتتحرك بحُريَّة تامّة، ولا أبالي بردود الأفعال إزاء ما تأتيه من أمور غرائبيَّة، أو حتى شطحات، فهي ذاتي، وفي فلكي تدور".

ويُضيف: "لكنني في بعض الّلحظات القليلة، أو النادرة، قد ألجأ إلى العُزلة، أو التشرنق اللحظي، إذا زادت حدة الانتقادات أو الخلافات، فليس من شأني ولا من صلاحياتي أن أقنع أحدًا بما أفعل، طالما أن حُرّيتي لا تشكل أي عِبء أو اعتداء على حُرّيات الآخرين.

وفي النهاية، فإن الأديب ليس كائنًا فوقيًّا منعزلاً، وإن دِفء الالتقاء الحميم بالناس كفيل بأن يُذيب أي وجع يَعتري الروح المُبدعة".

الصفحات