كتاب " على صليب الإبداع " ، تأليف زينب علي البحراني ، والذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والاعلام ،
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب على صليب الإبداع
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

على صليب الإبداع
رُسُلُ الكلِمة والأَحَاسيس
"المُبدع مُختلف، ونحن مازلنا لم ننضج بعد لِقبول الآخر المُختلف!"..
بهذا استهلّ الرّوائي المصري "محمد خيري" وُجهة نظره، قبل أن يُكمل: "الإجابة على هذا السُّؤال أيضًا مُتصلة بإحباط الأديب، نحن في وطن لا يحِب الحُبَّ أو الأحاسيس المُرهفة، لقد شغلتنا الماكينة اليَومية الرّوتينية في العَمَل ودوائر المال والمَصَالح في مُجتمع مادي وسلبي لا يقدر الفن والإبداع، هذا هو المجتمع الذي تأثر بالاحتلال منذ زمن، والذل المادّي والرّوتيني والسّياسي عبر عقود، فكان أضعف بكثير من أن يتعلم حُب القيمة وليس حُب القامة!
المُبدع يجد الرّوعة في الاختلاف والحُب والإبداع والحَياة كلها، ويُحاول اكتشاف عظمة الله في كل شيء بديع حوله، ولكن الآخرون لا يفهمون هذا ولا يستوعبونه لأنهم يُحبون المَال والأكل والشرب والغرائز والمتعة السّريعة والتعصب في الدّين والأيديولوجيا والمَذهب أو الطائفة (مسلم، سني، شيعي، درزي، مسيحي غربي ، شرقي، إنجيلي، ماروني.. إلخ) دون تدبّر أو تأمّل!"
وفي السّياق ذاته يرى الرّوائي المصري "محمود الديداموني" أنَّ الكتابة الإبداعية هي مُحاولة تخليق روح جديدة تنتزع أو تولد من معاناة الكاتب، ولهذا يجب أن لا تشتبك بالواقع، وأوضح:
" قد يصدر عن الكاتب شيءٌ لا يستوعبه المحيطون به، كأن يرقص فرحًا بالانتهاء من كتابة فكرة أو نص أدبي، أو يلهو مع الأطفال، وربما أيضًا يكون عصبيًا على غير العادة ودون سبب مرئي لمن حوله عندما تتعثر ولادة فكرته أو نصه الأدبي... ولذلك من المهم أن يخلق الكاتب لنفسه بيئة صَالِحة للكتابة، تخصّه هو، ليسَت بالطقوس؛ لكنها تحمل بعض خصوصِيَّة ، بأن يستشعرَ اللحظة التي يُمكن أن يصيغ فيها فكرته ويتنحى جانبًا عن العالم مُحتشدًا بأحاسيسه وأفكاره وأوراقه، غير مُهتم بمن حوله، لأنها اللحظة التي يُمكن أن يُولد بها إبداع قد يبقى في ذاكرة الأدب. وبعدها يستطيع أن يعتذر لمن حوله لانشغاله، أو لصُراخه، أو لرقصَةٍ لا ترتكن لسببٍ من وجهة نظرهم، وسيُدركون فيما بعد أنه قدَّم لهم ما يسمو بمشاعرهم ويرتقى بأذواقهم .. وربما يشعرون بالتقصير" .
أمّا الشّاعر المصري "محمد الأكسر" فقد أكَّد بثقة أنَّ الأديب يبقى فوق المُمارسات المُجتمعيَّة مهما بلغ أذاها، وأعرب عن ذلك بقوله: " يستطيع الأديب تجاوز تلك الأزمة التي تحصل ما بين سُلوك المُجتمع الجاف الذي لا يُقدِّر أحاسيس ذلك المُبدع المُرهف وما بين إحساسه هو بأن لا ينحني لتلك المُمارسات المُجتمعية مُطلقًا، ولا يَعبأ بها ولا يعيرها انتباهًا، فهو فوقها، وهو وحْده يَستطيع تصوير ألمِه وألم كل فردٍ في المُجتمع، بينما بقيَّة أفراد ذلك المُجتمع قد يعجز الواحد منهم عن تصوير مثل هذا الألم، وإن استطاع فلن يتجاوز ذلك تصوير ألمه الفردي، أما الأديب المُرهف فهو رسول كلمة، وعليه أن يحمل وأن يحمي تلك الهبة الرّبانية، ولا يستسْلِم لمن لا يَسْتطيعون تفهمه، لأنّهم سيُدركون أهميته لا محالة فيما بعد، وسَيَعرِفون قيمته ومَدَى تميّزه عنهم، والزمن كفيل بهذا. إذ لم يخلد في ذاكرة الأمم إلا من صنعوا وصوّروا أمجادها، ولم يستسلموا لعواتي الزمن ولا لِعدم اهتمام المُجتمع بهم، ومنهم من لا يجد التكريم والعِرفان إلا بعد رحيله عن هذه الدّنيا " .