كتاب " نرجسية الإبداع في فرادة المرواة " ، تأليف د .
أنت هنا
قراءة كتاب نرجسية الإبداع في فرادة المرواة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وبتضايف خلاق تُفعّله القراءة يتحول العنوان الى فسيفساء لا تستقر على دلالة واحدة لتبدل التجليات التي يعيشها النص في انكشاف إسراره المتزامن مع تداعي القراءة، فالقارىء يدخل الى النص من خلال بوابة العنوان، ولكن هذه البوابة سوف يتجدد دخول القارىء منها مع كل سياق يكتشف فيه شيئاً جديداً، وهذه العودة في الدخول تتيح له اغناءً لقدرته على تأويل النص، لما يشكله العنوان من احالة(( الى عمله بكفاءته الفائقة في التحول من كونه واقعة لغوية والصعود بفضل التلقي الى مستوى النص، ان تعليق احالة العنوان الى عمله على امتلاكه نصيته يمثل اساس مقاربة العنوان نقدياً، وادخال التلقي كفاعل لهذه النصية هو نقطة ارتكاز مهمة فيما يخص اجراءات التحليل وما ان ينتهي القارىء من النص، حتى يكون العنوان قد اكتسب بوابته التي تليق بالتصور الذي خرج به القارئ عن النص ))(3) على ان لا ننسى ان ((العنوان بنية رحمية))(4) فربما تجدد دلالته بتجدد قراءتنا لنصه، وصولاً الى جمالية تخرق قانون الأشياء من أجل أن تؤسس واقع النص القلق في كل الأحوال؛ لأن الدلالة عائمة على سطح من التماوج والاهتزاز المستمر لأستقرار المعنى. فالكاتب يعيش حالة من النرجسية المتسامية حين يسعى الى إختيار عنوان نصه، في نوع من الحب الأفلاطوني في نظرته للأشياء غير المرئية (العالم المثالي) وهو يعاين ماهيات النص في صيرورته الأولى وليس في واقعه الكتابي فحسب، لأن في واقع النص المتخيل قبل ان يدون يكون الكاتب أقرب الى دلالات النص وهي في حالة إنعتاق من إنتمائها الكتابي ما يمكنه من الأطلاع على كلية فضاء النص واختيار العنوان المناسب له، على انه يبقى في جدلية هيغيلية مستمرة (مركبها) الذات التي هي من أوجد (النص) و(نقيضها) الذات التي تفكر بـ(العنوان) وتنتقل من واحد الى آخر وصولاً الى عنوان مناسب مع قصدية الكاتب بإختياره لعنوان يتناسب مع نصه (عنوان تجنيسي) أو بعيد عن نصه(غير تجنيسي) و(صيرورتها) المتولدة هي الذات حين يكون العنوان جاهزاً مع نصه التي تشكل العنوان والنص ويمثل فيها الكاتب(دور القارىء) في دورة خلاقة من الوجود يتعاطى فيها الكاتب مع كلية وجود النص حين يكون هو (الكاتب للنص) وهو (الشخص الذي يختار العنوان في حالة يعي فيها كلية النص وسعة أنفتاح دلالته) وهو (القارىء الذي يوافق على هذا العنوان ويرفضه الآخر)، فالعنوان لا يقل شأناً عن نصه؛ بل هو نص قائم بذاته قابل للتحليل والتأويل والمتعة؛ لأنه (( ذو حمولات دلالية وعلامات ايحائية شديدة التنوع والثراء، مثله مثل النص... واذا كان النص نظاماً دلالياً وليس معاني مبلغة، فإن العنوان كذلك نظام دلالي رامز له بنيته السطحية ومستواه العميق مثله مثل النص تماماً))(5) وإن أرادة القوة في البقاء / النيتشوية يمتلكها العنوان مثلما توجد في داخل النص، إرادة قوة تنتزع من القارىء حقها في البقاء لأنها الأقوى(سوبرمان/نيتشة) لتتحول إرادة العنوان الى (super language) تلك اللغة ليست المتعالية بدلالتها فحسب؛ بل وبقوة إزاحتها لقوة النسيان التي قد تمحو النص من ذاكرة القارىء لكن من الصعب جداً عليه ان ينسى عنوان النص، إذ يسعى كل من العنوان والنص الى حيازة هذه المرجعية وإثبات حق الوجود وفق مرتسمات الأنسان المبدع، فالإبداع علامة بوجه تقادم الزمن وسلطته الساعية نحو محو شواخص الذوات الثائرة على قوانينه والمتمردة على سلطته، ولوضع حد لقوة الزمن المستمرة في إجتياح ثبات الذاكرة حول كل مع ما يتعارض مع سلطتها تأتي مرواة (د.عمار أحمد) كإرادة تسعى الى التعالى على هذه السلطة.
فبنية العنوان في مرواتي (د.عمار أحمد) (بي_آبو_نان و الجوائح) خاصة إذا علمنا انه هو من قام بتصميم غلاف مجموعته بنفسه، ليضعنا أمام تصميم إبداعي ينمُّ عن نرجسية خلاقة أستطاعت صياغة العلامات اللغوية / الإيقونية في تأطير جمالي تجسد من خلال بنية العنوان، إذ أن أسم (د.عمار أحمد) الذي إعتلى صفحة العنوان في تلقيه الاول يعد بنية عادية الإنبناء في الإشارة الى صاحب النص؛ لكن الإشكالية في حرف (الواو) الذي جاء بعد أسم (د.عمار أحمد) فأصبحت (الواو) بنية إرباك وقلق تثير المتلقي في إيجاد الآليات التحليلية التي تستطيع ان تضمن لذات القارىء إطمئناناً معرفياً يرضي فضوله القرائي فتمكنها من فضاء طباعي دون مشاركة أي بنية لغوية يجعلها تنعتق من أية مرجعية نحوية محددة تقيدها وتكسبها دلالة التعيين أو الإنكشاف، فـ(الواو) دالة حرة قابلة للتأويل وفق طبقات متعددة المرجعيات دون معرفة أي من هذه الطبقات يتعالق دلالياً مع بنية العنوان، فإذا كانت (الواو) واو المعية/ فإن الكاتب يعمل على زج إسمه (د.عمار أحمد) مع (بي _أبو _ نان و الجوائح) كبنية من بنيات العنوان ما يدفع جذوة التوهج والإدهاش في إسمه الى مصافي عنوان المرواتين فهو قابل لتكرار التأويل مع كل تداعي معرفي يحصل أثناء القراءة، فإذا كانت الصدمة المعرفية للقاريء مع العنوان تتكرر إفرازات معطياتها مع كل إكتشاف يحققه القارىء أثناء قراءته لنص ((حتى تتحول الحمولة الفنية الثقافية للعنوان بالقياس إلى نصه إلى مسافة توتر جمالية خاصة اذا استطاع الاديب ان يفاجيء القارىء بشكل يغير توقعه الذي ابتناه لدلالة النص اعتمادا على عنوانه ))(6) الذي شكله بقصدية واعية جعلت إسمه يتضايف بصيغة/المعية مع بنية العنوان، ما جعل أسمه وبالرغم من كونه إسماً علماً دال على ذات مشخصة يتجلى بدلالات تتوازى مع تجليات التأويل التي تنتاب العنوان وهو ما يبرر الحاجة الماسة التي يتوق إليها الكاتب في إستبطان تقانات/سلوكيات تخضع لنواميس عالية التعقيد في سعيها الدائم نحو الممكن لتأسيس تواصل جديد يتخطى السائد والمتعارف عليه ويدفعها نحو التخلخل والتأرجح لتفكيك آصرتها التلازمية التي أبقت إسم المؤلف بعيداً عن إسم العنوان.