كتاب " نرجسية الإبداع في فرادة المرواة " ، تأليف د .
قراءة كتاب نرجسية الإبداع في فرادة المرواة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
فالمرواة تتجاوز أية مرجعية تحاول أن تحجز على عائديتها لها، فهي شكل ينمو ويتطور؛ لأن العناصر التي تعتمد عليها تفتقر الى قانون الحتمية باعتمادها على مبني حكائي يتخلق بعين رؤيوية لإنشاء واقع نصي مفارق يتعالى على المتن الحكائي بسرديته المفككة التي ترجيء القائم لتضمّنها للموسيقى كأحد آليات المرواة إلغاءً للمفترض مسبقاً الذي تمركز حوله الآخرون؛ لأن تلك الفكرة المتمركزة في ذهن القاريء تضمن له الحضور والوجود في فضاء المكتوب، في حين أراد (د.عمار أحمد) أن يجعل من مرواته نصاً أصلاً يكتسب بنفسه سيرة هذا الأصل، فهو لا يجد نفسه إلا بنسف الأقانيم التي سبقته لأنه لا يحب الإنصياع، متمرداً على التقعيد في مسعىً لهدم ذاكرة الجماعة ليؤسس ذاكرته هو والتي تشبه تفرده هو مقوضاً بذلك عالم الآخر بوصفه جنساً تأسس وفق متوالية تاريخية وجد مبرراتها حيناً من الزمن دون أن يعني هذا وجوداً لا يمكن تجاوزه أو زحزحته من مركزيته والتي وجدت لها وجوداً معقولاً أرتفع في مستواها من الظاهرة الى النموذج الذي رسخ في أذهان الآخرين/القراء تصالحاً وقبولاً جعل لهذه الأجناس قوة طاردة لكل ما يخالف نموذجها وعناصرها، فهي إنساق ثابتة أوجدتها أنساق عقلية تواطأت على تمثلات (أدبية واقعية) و(متخيلة عقلية) بل إن العقل زاد من تواطئه حين صدق ما قام هو بنفسه في إيجاده حين ظن أن هذه الأجناس لا تقبل التكرار أو التجاوز، وحين يحاول المبدعون ومنهم (د.عمار أحمد) تجاوز هذه الأنساق فإن أول ما يعترضهم هو ذلك الخداع والمسمى (بقدسية الجنس) وسلطته العقلية المركزية في عقول القراء وهم يظنون أن ما تعودوا عليه هو (الصحيح/المقدس/الثابت) فيما تناسوا أنهم قد دخلوا في قطيع الوهم ومخادعته المتمرسة في إقناع كل عقل يستطيب الإنسياق مع النسق، فالوهم الذي خلقته (مركزية العقل) والمتمثل بصنع نوع من الأنساق التي يجد لها مبرراً وجودياً وفكرياً في داخله، ثم في العدوى الفكرية التي يعمد على نشرها ولاسيما أنه قد جهز نفسه بمنظومة تستطيع أن تدخل الى مرتسمات العقل الآخر(لأن من قام بوضعها عقل وهو يدرك كل متاهات العقل ونمطيته الفكرية الداخلية) حتى يجعله يؤمن بما قاله (لا ننسى أن العقل الذي يصنع المرتسمات كالجنس الأبي مثلا هو عقل مميز عن عقول الآخرين) والذي يعرف كيف يخدع عقله اولاً دون ان يدرك عقله بمخادعته هو، فيما تمر السنون والعقل يتسرب أكثر فأكثر بتلك المرتسمات الفكرية حتى يصل الى مرحلة التقديس التي فطن إليها (د.عمارأحمد) حين حاول كتابة مرواته وهو مدرك لتلك الخديعة الكبرى (قدسية الجنس) بكل قوته التدميرية لخيارات الآخرين في الخروج عن مهيمنته، وهي اللعبة الفكرية نفسها التي يقوم بها (د.عمار أحمد) حين يسعى الى تثبيت المرواة (كجنس أدبي) في مثاقفة مع عقل القاريء الذي ما أن يتوافق مع نفسه في قراءة (المرواة) حتى تنشأ صيغة تعاقدية تجد مبررات توافقها حين ينبذ القاريء ما تعارف عليه من بنائية الأجناس ويتضامن مع الصيفة البنائية الجديدة لــ(المرواة).
ولا أنكر متعتي القرائية وأنا أنساق لهذا الشكل الكتابي الجديد وهو يشحذ الأفكار بطريقة جديدة، طريقة تخادع سلطة الجنس بإنتمائها إليه بالمكون السردي، وتنعتق منه في كيفية بناء هذا المكون، فالتفرد سمة قارة بكل تمثلات هذا التفرد من وعي يتقصد إنشاء مدونته الذاتية وفق خرائط وجودية تبحث عن أرضها التي تنتمي إليها ولكن بأدوات لغوية تحتشد بالفكر، فاللغة هوية الأنسان فهو يشكل وجوده حين يتكلم ويكتب، وحين تتفتح الذات على الوجود تدرك ان اللغة هي الواسطة لذلك التفتح، وحين كتب (د.عمار احمد) مرواته كان في حالة من الوجود المتسائل عن جدوى وجوده؟ وكيف يصنع تفرده؟ نداءً يمتد في داخله وقلق أرقه، فإندفع من خلال كوة (المرواة) يشكل ذاته مغتالاً هيمنة الجنس بكل إمتداده وخالقاً لشكل كتابي لا يتقصد إزاحة الجنس كمقصد أساسي بقدر ما يتقصد إنشاء هويته كذات، فإذا أردنا أن نعرف الخريطة الداخلية للـ(د.عمار أحمد) فعلينا أن ننظر الى مرواته سندرك حينها كثيراً من تلك الخفايا ولاسيما منها الفكرية والأجتماعية والنفسية، فكانت المرواة معادلاً فكرياً سعى الى التعالي على سلطة الجنس والتماهي في فضاء الذات.