كتاب " نرجسية الإبداع في فرادة المرواة " ، تأليف د .
قراءة كتاب نرجسية الإبداع في فرادة المرواة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
عناصر المرواة وجدلية الإبتناء
إن ما يكوّن قوة المرواة أنها تُختَرع دون نموذج، فالاختراع والتصور يصبحان في حدود ما، موضوع المرواة نفسها !! فهي لا تعتمد على شكل سبقها بقدر ما تطرح نفسها كشكل كتابي يتقصد الاعلان عن وجوده؛ لأن الفن الحقيقي لا يُقلِد أو يعني بقدر ما يكون.
فقد عمد المرواتي (د.عمار احمد) الى توظيف الراوي، ولكن بملمح جديد ((يتجاوز نشاط الحاكي-الراوي-الذي تجاوز بدوره الحكواتي، فإذا كان الحاكي (الراوي) تجاوز الحكواتي بانتقال الحكاية الى القصة؛ فإن الحكاء (المرواتي) عليه أن يتجاوز الحاكي (الراوي) الى فضاء المراوة يتجاوزه بمهمة أولى هي توتير المنتزعات، ونقلها الى تلك المنطقة التي تمنحها خصيصة من خصيصات الشعر، وتجريداً يقترب حد التماهي مع الموسيقى))(16) إذ عمد المرواتي الى نزع الكلمات من ذاكرتها وشحنها بمدلولات عذراء كـ(عسل)ـي(( هذه رسالة الهواء والأوتار، تجربة عصية، وكلام غيمي، وفراغ مليء بالحسن، ومحاولة دائبة ومخلصة لتلقين الصمت دوره الآخر / لذا سأترك (عسل)ـي أنا ليقول، ويضحك، ويعاتب، ويزعل))(17) إذ فصل فيها ما بين كلمة(عسل) و(الياء) كي يؤسس لذاكرة جديدة لا تحيل الى معانٍ سبقتها أو العسل المتعارف عليه؛ لأن الدال الذي يحيل الى العسل المتعارف عليه قد تفكك وبالتالي أدى الى زعزعة المفهوم من تقليديته، ليبقى مدلول (عسل)ـي في حالة إرجاء مستمر دون الركون الى إستقرار دلالي، وقد تشير (عسل)ـي الى تلون هذا الطعم مع كل تذوق جديد يداخل أنفاسه ومحياه، فلجأ الى هذا الشكل الكتابي ليضخ في هذا الشكل كثافةً تكتظ بالتأويلات غير المستقرة مثل رسمها الكتابي المفكك والمتزحزح عن مركزيته، فضلاً عن تفرده في تشكيل لغته الخاصة بمرواته.