كتاب " الضغوط والأزمات النفسية وأساليب المساندة " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الضغوط والأزمات النفسية وأساليب المساندة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الضغوط والأزمات النفسية وأساليب المساندة
أولاً:الضغوط النفسية عند المعلمين
تسعى المؤسسات والمنظمات لتحقيق أهدافها من خلال الجهود البشرية ويمثل الإنسان أهم وأغلى عنصر من عناصر الإنتاج في هذه المؤسسات. فإذا تعرض الأفراد لضغوط العمل فإن ذلك سوف ينعكس بشكل مباشر وغير مباشر على أداء المنظمة وعلى قدرتها على التكيف مع الظروف البيئية المتغيرة وضمان بقائها واستمرارها.
ويتفق عدد كبير من الباحثين في تحديد المقصود بضغوط العمل حيث يشيرون إلى الموقف الذي لا يكون فيه توافق بين الفرد و مهنته والناتج عن عوامل في البيئة الخارجية أو المنظمة التي يعمل بها الفرد أو الفرد نفسه.بالإضافة إلى الخصائص الوظيفية وخصائص الفرد الشخصية والتي لها دور مهم في إحداث ضغوط العمل و الإحساس بها، فقد تحدث تأثير داخلي يخلق حالة من الاختلال النفسي أو العضوي لدى الفرد فينتج عن ذلك عدم التوازن النفسي أو الجسمي داخل الفرد.
تعددت التعريفات التي وضعها العلماء لتعريف الضغوط المهنية لدى المعلمين، ومن هذه التعريفات ما يلي:
- فبعضهم عرفها على أنها حالة من الإجهاد النفسي والبدني تنتج عن الأحداث المزعجة أو عن المواقف المحبطة، وتصاحبها انفعالات غير سارة مثل التوتر والإحباط والغضب.
- وعرفها آخرون بأنها تمثل شعور المعلم بالعجز عن أداء عمله بسبب ما يواجهه من أعباء زائدة فيما يقوم به من أدوار، وما يواجهه من إحباط ومشكلات في البيئة المدرسية. كما جاء تعريف آخر للضغوط النفسية عند المعلمين على أنها ما يتعرض له المعلم من مشكلات في محيط عمله، وتسبب له ضعف القدرة على أداء العمل بكفاءة وبصورة جيدة، بل يمكن أن تسبب له أعراضًا مرضية وتؤدي هذه إلى استنزاف جسمي وانفعالي من أهم مظاهره فقدان الاهتمام بالطلبة وتبلد المشاعر، ونقص الدافعية و الأداء النمطي للعمل، ومقاومة التغيير وفقدان الابتكار.
وتعددت مصادر الضغوط للمعلم بين سلوك التلاميذ وعلاقة المشرف التربوي بالمعلم وعلاقة المعلم بزملائه، وغموض الدور، والأعباء العلمية وغياب التفاهم بين المعلم والإدارة.
مصادر ضغوط المعلمين
تعد مصادر الضغوط النفسية عند المعلمين متنوعة نظراً لأن مهنة التعليم من المهن الاجتماعية والنفسية الضاغطة لكثرة متطلبات مهنة التدريس وزيادة أعبائها ومستوياتها التي تجعل المدرسين غير راضين عن مهنتهم وغير مطمئنين في حياتهم ومستقبلهم المهني مما يكون له أثره السلبي في عطائهم.
وقد أجمل المشعان (2002) مصادر ضغوط المعلمين في العلمية التعليمية في (غموض الدور، وصراع الدور، والعبء المهني، والتطور المهني، وتدني المكانة الاجتماعية، وازدحام الصفوف بالتلاميذ، وبطء عملية الترقية الوظيفية للمعلم، وضعف الرواتب وعدم وجود حماية للمدرس وعدم قيام جمعية المعلمين بالدور الذي يشعر المدرس بالأمان والأمن الوظيفي وعدم اهتمام أولياء الأمور بمستويات أبنائهم التعليمي ومتابعتهم، وإهمال الأبناء في أداء واجباتهم، وسوء العلاقة بين الزملاء في العمل المناخ المدرسي الغير المناسب، وظروف العمل الطبيعية ونقص الدعم الاجتماعي).
وقد طور جبسون وآخرون( Gibson، et al.، 1994 ) نموذجا يوضح العلاقة بين عوامل ضغوط المهنة المختلفة وآثار هذه الضغوط على العمل وتأثير الصفات الشخصية على هذه العلاقة. ويشتمل النموذج على عدة مصادر لضغوط المعلمين منها:
1-: ضغوط تتعلق بطبيعة العمل وبيئته ودور العاملين فيها ومن بينها:
أ. ضغوط تتعلق ببيئة العمل المادية: كالضغوط الناتجة عن عوامل معينة مثل الضوضاء و الحرارة وتلوث الهواء وغيرها.
ب. ضغوط بشرية فردية: كالضغوط الناتجة عن صراع الدور وغموضه و العبء الزائد في العمل وطبيعة المهنة، وهذه الضغوط جميعها ترتبط بالمهنة.
ج. ضغوط اجتماعية: وتتمثل في ضعف العلاقة الاجتماعية مع الزملاء في العمل و المرؤوسين و المدير.
د. ضغوط تنظيمية: وتتمثل في ضعف تصميم الهيكل التنظيمي (مستويات إدارية متعددة أو قليلة في هرم التنظيم) وعدم وجود سياسات محددة.
2- ضغوط ترتبط بالخصائص الشخصية تتمثل في الصفات الذهنية والعاطفية والجسمية (نمط الشخصية ومركز التحكم وقدرات وحاجات الفرد) وأيضا الصفات والخصائص الديموغرافية التي تؤثر على تفاعل الفرد مع عوامل الضغوط النفسية.
3- ضغوط ترتبط ببيئة العمل. مادامت المدرسة منظمة اجتماعية وجدت لتحقيق أهداف معينة لإشباع بعض الاحتياجات في المجتمع، تقوم بتحقيق هذه الأهداف من خلال مجموعة من الأفراد المعلمين الذين يعملون بها، لذلك فقد يتعرض هؤلاء الأفراد إلى مجموعة من الضغوط التي قد تعيق المدرسة عن تحقيق أهدافها. وهناك مصادر للضغوط نابعة البيئة يما تحتويه من ضغوط الطلبة، وأولياء الأمور، وضغوط البيئة الفيزيقية، وقلة إمكانياتها وقدراتها.
4-: ضغوط ترتبط بمهنة التدريس. تعد مهنة التدريس من أكثر المهن المليئة بضغوط العمل نظرا لما تنطوي عليها من أعباء ومتطلبات ومسئوليات بشكل مستمر، الأمر الذي يتطلب مستويات عالية من الكفاءات والمهارات الفنية والشخصية من جانب المعلم، والمعلم كغيره يتأثر بما يجري حوله من تغيرات ويتعرض لمشكلات وضغوط مختلفة، يمكن أن تعوقه في أدائه ودوره المنشود والمتوقع.
5- مصادر الضغط النابعة من قبل الإدارة المدرسية: بما تحمله من زيادة أعباء العمل وعدم تقييم جهود المعلمين بالإضافة إلى إتباع الإدارة التسلطية بالتعامل مع المعلمين.
كما تلعب مهنة التدريس دورا كبيرا في تنمية المجتمعات ونظرا لدور المعلم الهام في هذه المهنة فقد تزايد الاهتمام بالمعلم كما ازداد الاهتمام بدراسة وضعه والعوامل التي توثر في فاعلية هذا الدور أما نقصا أو زيادة. وقد دراسات عديدة في ميادين التربية والصحة النفسية أن الضغط النفسي بمصادره الذاتية والموضوعية، له دور كبير في تأثيره علي حياة الأفراد والجماعات، فالنجاح في كثير من الأعمال يعتمد علي مدي التوافق النفسي والاجتماعي للفرد والجماعة.
إن المعلم هو جوهر العملية التربوية وذلك لأهمية ومكانة الدور الذي يقوم به في العملية التربوية، وتتعدد وتتداخل أدوار المعلم بين الدور المعرفي والدور التقويمي والدور الإداري. ويتأثر أداء تلك الأدوار بالعوامل الشخصية للمعلم والبناء الاجتماعي والتنظيمي لمهنة التعليم كمهنة تتطلب مستويات عالية من الكفاءة للالتحاق بها. وكثيرا ما يواجه المعلمون في المدرسة مواقف وظروف عديدة يتعرضون خلالها لحالات من الاضطراب والقلق والخوف و الإحباط و الغضب مما يؤثر سلبا على حالتهم الصحية والنفسية، وينعكس بدوره على مستويات أدائهم في العمل، ومن ثم القدرة على تحقيق الأهداف التنظيمية. وتأتي معظم الضغوط و التوترات من مصادر مرتبطة بالعمل وطبيعته، كما تأتي من البيئة الخارجية التي تؤثر على الأفراد و المنظمات.