كتاب " الفاظ الثواب في القرآن الكريم " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الفاظ الثواب في القرآن الكريم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
الجــــذر : ( ث ، و ، ب )
في الاستعمال القـــــرآني
من الحقائق المسلم بها شرعا: أَنَّ الإنسان مخلوق مكلّف، والتكليف إمّا أَنْ يكون أَمراً أَوْ نهياَ، والأَمر والنهي هما: طلب العبادة وإرادتها، وحقيقة العبادة امتثالها([172])، ويكون الأَمر لمصلحة يقتضيها فعل الإنسان شرعاً، والنهي لمفسدة يقتضيها فعله شرعا. (والثواب أَو العقاب إنّما يترتب على ما فعله وتعاطيه، لا على ما لم يفعل، لكنَّ الفعل يعتبر شرعاً بما يكون عنه من المصالح أَو المفاسد)([173]).
وعلى هذا فأعمال الإنسان أَسباب توصله إلى ثواب الله وعقابه، وهي مقتضية لهما كاقتضاء جميع الأَسباب لمسبباتها([174]). ومن فضل الله -سبحانه- (أَنْ جعل العقاب جزاءً وفاقاً، وجعل الثواب مضاعفاً أَضعافاً كثيرة)([175]). كما أَنَّ الاعتقاد بعدالة الله -سبحانه - يستتبع ثواباً على الخير وعقاباً على الشرّ.
وقد شغل موضوع الثواب آيات كثيرة في القرآن الكريم، تنوعت فيها الأَلْفاظ والصيغ والأَساليب، وشرط هذه الدراسة أَنْ تتناول دلالات صيغ الثواب القرآنية، ويلزمها في البدء أَنْ تستعين بالمعجمات، لِتعرّفِ الدلالات اللغوية لتلك الصيغ مادية كانت أَوْ معنوية.
ولا يخفى أَنَّ صيغة (ثواب) مشتقة من جذر: (الثاء والواو والباء)، وثاب يثوب ثَوباً وثؤوباً: إِذا رجع، وكل راجع ثائب([176]). ومن الصيغ ذات الدلالة العادية: المثابة. وقد ذكر لها اللغويون معان متعددة:
الأول : مثابة البئر، وهو: مبلغ جموم مائها.
والثاني: موقف السانية في أَعلى البئر([177]). قال القطامي([178]):
وما لِمثاَبات العروش بقيةٌ إِذا سُلًّ مِنْ تَحْتِ العُروشِ الدَّعائمُ
وذلك لأِنَّ الماء يعود فيها بعد نزحه فيتجمّع، ويبلغ المثاب، وهي: صخرة يقوم الساقي عليها([179])، قال الراعي([180]):
سُدْ إِذا التمس الدلاء نطافه صـــادَفْنَ مُشْرِفَةَ المثـــــــــــابِ دَحُولا
ولا بأس أَنْ نذكر هنا أَنَّ المثاب أُطلق على وسط البئر([181])، وعلى طيّ الحجارة أيضاً([182]).
والثالث: المثابة: منزل الرجل، لأَنَّ أَهله يتصرفون في أُمورهم، ثم يثوبون إليه، والجمع: المثاب، وفي حديث عمر t: (لا أَعرفّن أَحدا انتقص من سبيل الناس إلى مثاباتهم شيئاً)، قال ابن شميّل: إلى مثاباتهم، أَي: إلى منازلهم([183]). (والمثابة والمثاب: واحد، وكذلك قال الفراّء)([184]). وأنشد الشافعيّ بيت أَبي طالب:
مثاباً لأَفْنارُ القبائِلِ كُلِّها تَخُّبُ إليه اليعملاتُ الذَّوامِلُ([185])
وقال ثعلب في قوله تعالى:}وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً{([186]): (قال بعضهم: (مَثْوَبَةً)، ولم يقرأ بها)([187]).
والرابع: ربّما قالوا لموضع حبالة الصائد: مثابة، قال الراجز:([188])
حتى متى تُطَلَّعُ المثابا لعلَّ شيخاً مهتراً مُصابا
وذلك لأَنَّ حبالة الصائد يجتمع فيها صيده، ويرجع إليه.