كتاب " الفصل والوصل في القرآن الكريم " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الفصل والوصل في القرآن الكريم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ولكن مع ذلك" ظلت صورة البلاغة التي رسمها السكاكي أساساً لكل ما كتب"([109]) عن هذا الفن، إلا أن آراءه كانت مثار نشاط كبير للمشتغلين في هذا الفصل.
أما الخطيب القزويني(739هـ) الذي " اشتهر بكتابه(التلخيص) الذي أوجز فيه القسم الثالث من كتاب0مفتاح العلوم) للسكاكي"([110]) وشرحه بكتابه(الإيضاح)، فقد بحث موضوع الفصل والوصل في الباب السابع منه" بحثاً أكثر ترتيباً وطلاوة من بحث السكاكي وردّ عليه في عدّة مواضع"([111])، واستفاد من سابقيه من البلاغيين لاسيما عبد القاهر والسكاكي فكان بحثه بين طريقتي هذين الرجلين، وحاول استبعاد الحشو والتعقيد، وضيّق ما توسع منه عبد القاهر والسكاكي، إذ قصر الفصل والوصل في الجملة دون المفرد، وقد أشاد القلقشندي(821هـ) بأثر(تلخيص المفتاح) الكبير في البلاغة، فقال: " وأعظمها شهرة بالديار المصرية تلخيص المفتاح......وعليه عدّة شروح"([112]).وجاء العلوي(739هـ) فعقد في الجزء الثاني من كتاب(الطراز) فصلاً بعنوان" في أحوال الفصل والوصل" ذكر فيه أن هذا الأسلوب" قاعدته العظمى حروف العطف، وينعطف عليها حرف الجر.....ويتعلق بكل واحد منها أسرار ولطائف"([113])، وقد تميز هذا الكتاب عن غيره من الكتب البلاغية المتأخرة، لأنه مزج بين العلم والأدب.
وتلا هؤلاء شرّاح التلخيص، وأقدمهم بهاء الدين السبكي(773هـ) الذي خالف في كتابه(عروس الأفراح) عبدا لقاهر والقزويني، في جعله الفصل والوصل عاماً في الجمل والمفردات، وقال: " لا يخفى أن الفصل والوصل يكونان بين المفردات كما يكونان بين الجمل"([114])، ومن آرائه الطريفة في هذا الموضوع اعتباره أحكام الفصل والوصل فيما يخصّ الأحوال البلاغية اللغوية، واعتبار الإيجاز والأطناب فيما يعم الحروف. ومنهم التفتازاني(791هـ) العالم البلاغي الذي قام بشرح القسم الثالث من(مفتاح العلوم) وشرح التلخيص شرحين سماهما (المطول) و(المختصر)، وردّ على القزويني تقسيمه لمباحث علم المعاني فيقول: " إن جميع ما ذكره من القصر والفصل والوصل والإيجاز ومقابليه إنما هي من أحوال الجملة، أو المسند إليه والمسند، .... وجعل كلا منها برأسه...ففساد كلامه أكثر وأظهر"([115]).
ومنهم السيد الشريف(816هـ) الذي سار على منهج السكاكي والقزويني والتفتازاني، ولا تخرج تحقيقاته عما ذكره هؤلاء، " وإن خالفهم أحياناً"([116]).وله كتابان هما(شرح القسم الثالث من مفتاح العلوم) و (حاشية على المطول على التخليص).
ومن هؤلاء أيضاً عصام الدين الاسفراييني(951هـ) صاحب كتاب(الأطول) الذي له تحقيقات في الفصل والوصل غير أنها لا جديد فيها.
ومنهم ابن يعقوب المغربي(1110هـ) وكتابه(مواهب الفتاح في شرح المفتاح) وهو" يقتفي أثر السعد ولا يحيد عن منهج السكاكي"([117]) والقزويني.
وأخيراً جاء محمد بن عرفة الدسوقي(1230هـ) الذي وضع حاشية على مختصر السعد على تلخيص المفتاح، وكان يوافق القزويني تارة ويعارضه أخرى ويرّد آراءه في كثير من الأحيان، كنحو ردّه عليه في تقسيم علم المعاني، كما فعل التفتازاني.
فهؤلاء الشرّاح أولوا موضوع الفصل والوصل عناية فائقة إلى أن انتهى إلى صورته الأخيرة التي نجدها في كتب البلاغة اليوم، مع أن البلاغيين المحدثين يحاولون التجديد في هذا الباب في إطار سعيهم لإخراج البلاغة بثوب عصري وتخليصها من الشوائب والاستقاء من متبع التراث البلاغي الثرّ الأصيل.
أما فيما يتعلق بمنزلة الفصل والوصل من البلاغة العربية، فقد فطن أئمة البلاغة الأوائل من العرب وغيرهم لأهمية موضوع الفصل والوصل، فقد نبّه أرسطو على هذا الأسلوب قبل العرب، حيث يقول في كتاب الخطابة: " وأما اللفظ المتخلخل وهو المقطع مفرداً مفرداً فهو شيء غير لذيذ، لأنه لا يتبين فيه الاتصال والانفصال، ..,وهذا الوصل والفصل وزن للكلام وإن لم يكن وزناً عددياً فإن ذلك للشعر"([118]).
ولهذا السبب يقول د. شوقي ضيف في حديثه عن إشارة عبد القاهر الجرجاني(471هـ) بعظم منزلة الفصل والوصل في البلاغة: " ونحسّ في كلامه أصداء من تنويه أرسطو المتكرر بهما في كتاب الخطابة"([119]) ويرّد عليه د. أحمد مطلوب بقوله: " أما الفصل والوصل فهو أقدم من عهد الترجمة عند العرب"([120])، لكن مع ذلك يبدو أن إشارة الجاحظ(255هـ) وأبي هلال العسكري(ت395هـ) بأهمية هذا الموضوع ليست ناتجة بالضرورة عن تأثير هؤلاء وغيرهم بكلام أرسطو المتفرق وتنويهه بالفصل والوصل، ذلك لأن هذا الموضوع" دقيق المجرى، لطيف المغزى، جليل المقدار، كثير الفوائد، غزير الأسرار"([121]) عند الأمم كافة عرباً وإغريقاً وفرساً وغيرهم، وذكر الجاحظ في حديثه عن تعريف البلاغة عند الأمم أنه" قيل للفارسي: ما البلاغة ؟ قال معرفة الفصل من الوصل"([122])، وكأنه قد عدّه هو البلاغة أو قصر البلاغة على معرفته، أو معنى ذلك" أن من عرف الفصل والوصل كأنه أحاط بأركان البلاغة ولمّ شتاتها وجمع متفرقاتها"([123])، وأوضح الخطيب القزويني(739هـ) ذلك بقوله: " وما قصرها عليه لأن الأمر كذلك، وإنما حاول بذلك التنبيه على مزيد غموضه، وأن أحداً لا يمكن فيه إلا كمل في سائر فنونها، فوجب الاعتناء بتحقيقه على ابلغ وجه في البيان"([124])، كما فسر عبد القاهر الجرجاني هذه العبارة بقوله: " أعلم أن العلم بما ينبغي أن يصنع في الجمل من عطف بعضها على بعض أو ترك العطف فيها والمجيء بها منثورة تستأنف واحدة منها بعد أخرى من أسرار البلاغة ومما لا يأتي لتمام الصواب فيه إلاّ الإعراب الخلّص والأقوام طبعوا على البلاغة وأتوا فناً من المعرفة في ذوق الكلام هم بها أفراد، وقد بلغ من قوة الأمر في ذلك أنهم جعلوه حدّاً للبلاغة....... ذاك لغموضه ودقة مسلكه وأنه لا يكمل لإحراز الفضيلة فيه أحد إلاّ كمل لسائر معاني البلاغة"([125]).
وخصص أبو هلال العسكري(395هـ) في(الصناعتين) باباً مستقلاً لهذا الموضوع عنوانه" ذكر المقاطع والقول في الفصل والوصل"يذكر فيه روايات كثيرة عن سالفيه تنوه بأهمية هذا الموضوع وعظم أمره، فاشترط على البليغ أن يكون على البليغ أن" يكون بصيراً بمقاطع الكلام ومواضع وصوله وفصوله، فإن البلاغة إذ اعتزلتها المعرفة بمواضع الفصل والوصل كانت كالآلي بلا نظام"([126]).
يمضي العسكري في قوله قائلاً: " وقال أبو العباس السفاح لكتابته: قف عند مقاطع الكلام وحدوده، وإيّاك أن تخلط المرعيّ بالهمل، ومن حلية البلاغة المعرفة بمواضع الفصل والوصل"([127]).ويرى العسكري قول الأحنف بن قيس الذي يمدح فيه عمرو بن العاص-رضي الله عنه-لأنه كان يعرف حدود الكلام ويحسن الوقوف على مقاطعه وإنه" كان إذا تكلم تفقد مقاطع الكلام، وأعطى حقّ المقام....حتى كان يقف عند المقطع وقوفاً يحول بينه وبين ما يبتغيه من الألفاظ، وكان كثيراً ما ينشد([128]):
إذا ما بَدا فَوْقَ المنَابِر قائِلاً([129])
أَصَابَ لَمِا يومِي إلَيْهِ المَقَاتِلاَ
كما ينقل نصائح معاوية لأشدق وكيف أنه يأمره أن لا ينسى تفقد مواضع الكلام وربطه، قائلاً: " ... وقال معاوية: يا أشدق، قم عند قروم([130]) العرب وجحاجحها([131])، وليكن التفقد لمقاطع الكلام منك على بال، فإني شهدت رسول الله ((صلى الله عليه وسلم)) أملى على عليّ بن أبي طالب- كرم الله وجهه- كتاباً وكان يتفقد مقاطع الكلام كتفقد المصرم صرمته([132]).
وهكذا يمضي أبو هلال العسكري في سردالأصول البلاغية التي يجب أن يبنى عليها بالكاتب البليغ كلامه، كما يورد أقوالاً لمن يمتلكون الحس البلاغي الرفيع يؤكدون فيها قضية الفصل والوصل وأهميتها في بناء النظم، فيروى أنه لمّا أقيم رجل خطيباً بحضرة بعض الأشراف وتكلم، أقبل شبيب بن شيبة وقال: " وايم اللّه لو عرف في خطبته مقاطع الكلام لكان أفصح من نطق بلسان"([133]) بمعنى أنه ينقده بالسلب لعدم تفقده مواقع القطع والربط في كلامه.
وكان(أكثم بن صيفي) يوصي كتّابه بالفصل بين المعاني المنقضة، وبالوصل إذا كان الكلام معجوناً بعضه ببعض، ويقصد بالعجن هنا: ارتباط معاني الكلام وحسن التأليف وشدة التلاحم وقوة الأسر بين أجزائه.
ويستمر العسكري في ذكر النقول التي تخص الفصل والوصل فيروى عن رجل من فارس اسمه(بزر جمهر) أنه على الأديب إذا مدح رجلاً وهجا آخر أن يجعل القولين فصلاً حتى يعرف المدح من الهجاء، وسأل الحسن بن سهل كاتبه الحراني: عن منزلة الكاتب في قوله وفعله؟ فذكر أنه يجب أن يكون مطبوعاً محنكاً بالتجربة ....ويعرف الفصل والوصل. وكان البلغاء والكتاب القدماء يهتمون بمواضع قطع الكلام واستئنافه وربطه، فيروى العسكري أن صالح بن عبد الرحمن التميمي الكاتب كان" يفصل بين الأنات كلها وبين تبعيتها من الكاتب كيف وقعت، وكان يقول: ما استؤنف(أن) إلاّ وقع الفصل... وكان خالد بن زيد يفصل بين الفاءات كلها...وفصل المأمون عند" حتى" كيف وقعت..وكان يأمر كتّابه بالفصل بين: بل، وبلى، وليس، وأمر عبد الملك كتّابه بذلك إلاّ " ليس"([134]).
وبيان موضع الفصل والاستئناف ضرورة لابّد منها للمتكلمين والكتّاب الذين يراعون أركان الفن البلاغي في أحاديثهم وكتاباتهم، فممّا لم" يبيّن موضع الفصل منه فأشكل الكلام قول المخبل في الزّبرقان بن بدر:
وَأبُوكَ بَدْرٌ كَانَ يَنْتَهِسُ الحَصَى
وَأَبِي الجَوَادُ رَبيِعَة بنُ قُبَالِ
فقال الزّبرقان: لا بأس، شيخان اشتركا في ضيعة"([135]). فهذا الإشكال في معنى البيت ناتج عن خلط الكلام والجهل بالقطع والربط.
إن اهتمام البلاغيين بأسلوب الفصل والوصل وإشاداتهم برفعة منزلته بين الفنون البلاغية بالغ وكثير يفوق الحصر، ونلمس مصداق ذلك في قول عبد القاهر الجرجاني(471هـ) حين يقول: " واعلم أنه ما من علم من علوم البلاغة أن تقول أنه فيه خفي غامض ودقيق صعب، إلاّ وعلم هذا الباب أغمض وأخفى وأدق وأصعب"([136]).
ومعنى هذا الكلام أن عبد القاهر يجعل من هذا الفن علماً قائماً بذاته لأهميته ومزيد خفاياه، مع أن هذا الموضوع ليس بابا مستقلاً برأسه وإنما يدخل في مباحث أحوال الجملة، كالمسند والمسند إليه وغيرهما من الأحوال التي لم يفرد لها باب على حده، لذلك فمن الأولى أن يقال: " إن اللفظ يكون مفرداً أو جملة فأحوال الجملة هي الباب الأول والمفرد إما عمدة أو فضلة والعمدة إما مسند إليه أو مسند فجعل أحوال هذه الثلاثة أبواباً ثلاثة تميزاً بين الفضلة والعمدة والمسند إليه والمسند ثم لما كان...من أصول الجملة ماله مزيد شرف ولهم به زيادة اهتمام وهو الفصل والوصل فجعل باباً سادساً وإلاّ فهو من أحوال الجملة ولذا لم يقل: أحوال الفصل والوصل"([137])، وإنما قال- ومعه جميع البلاغيين- باب الفصل والوصل. إن أسلوب الفصل والوصل كلّه يرتكز على أساس نحوي هو كون الجملة الأولى لها محل من الإعراب أو ليس لها محل من الإعراب، وهذا ما نلاحظه في جميع صور الفصل والوصل وأشكاله وأنها ينبغي أن تدخل هذا النطاق النحوي، لأنها تؤكد" العلاقة بين النحو والنظم، ولذلك يجب مراعاة الفصل والوصل في الكلام، فإذا وضع أحدهما موضع الآخر، فسد النظم، وانحرف المعنى"([138]) إذ أن المفردات في اللغة لا تمثل" إلاّ ناحية جامدة هامدة في تلك اللغة، فإذا نظمت ورتبت ذلك الترتيب المعين سرت فيها الحياة وعبّرت عن مكنون الفكر"([139]) فالمفردة أو العبارة ليس بها استقلال أو وجود متميز وإنما ترتبط بها يتقدمها أو يتأخر عنها ارتباط الأسباب بالمسببات وتخضع لها خضوعاً شديداً وهو الخضوع والارتباط المنطقي القوي تحكمه ظاهرة نحوية واضحة تتمثل في وظائف حروف العطف ومواطن الترخص في الوصل، وهذه الظاهرة قد لا نلحظها في العبارات الأدبية، وحتى إذا وجدنا حروف العطف فإننا قلّما نشخص وظيفتها في الربط، ولعل هذا هو سبب اهتمام البلاغيين بأسلوب الاتصال أو الانفصال بين الجمل الأدبية، وما" يتمحلون من تمحلات يبدو فيها التعسف، لأنهم يريدون أن يخضعوا الجمل في الأدب لمنطق العقل، وهي إنما يسيطر عليها منطق العاطفة"([140]).
ويرى فخر الدين الرازي(606هـ) أن أمر الفصل والوصل يعدّ " أعظم أركان البلاغة"([141])، ولعل السبب في ذلك أن البلغاء جعلوا هذا الأسلوب هو الأصل وما سواه تبعاً له ومفتقراً إليه، لأنه جليل الخطر، صعب الإدراك، إذ العلم " بمواضع العطف أو الاستئناف مسلك غامض السرّ لا يوفق للصواب فيه إلاّ من طبع على البلاغة وفهم أسرارها"([142])، وتبحر في علم النحو والبلاغة واللغة وغيرها، وأوتي حظاً عظيماً من حسن الذوق والذكاء، ورزق بصيرة نقاده في إدراك محاسن الفن البلاغي.
ولذلك قال السكاكي(626هـ) عن صور الفصل والوصل: " إنما لمحك البلاغة...... ومعيار قدر الفهم وسبارغور الخاطر، ومنجم صوابه وخطئه ...وهي التي إذا طبقت فيها الفصل شهدوا لك من البلاغة بالقدح المعلى، وأن لك في إبداع وشْيِها باليد الطولي، وهذا فصل له فضل احتياج إلى تقرير واف وتحرير شافٍ"([143]). ولذلك فإن أسلوب الفصل والوصل لا يقف عليه، إلاّ الأفراد الخواص ولا يهتدي إلى كنهه إلاّ النقّاد.
وإذ قد أدركنا قيمة ومكانة الفصل والوصل عند القدماء والمحدثين من البلاغيين وما أولوا هذا الأسلوب من الأهمية والتدبر فإن المتأخرين من البلاغيين لا يقلون عنهم في إيلاء هذا الموضوع المزيد من العناية، فيقول المراغي: " إن سبك الكلام وقوة أسره وشدة تلاحم أجزائه تحتاج إلى صانع صَنِع وحاذق ما هر يبيّن بين أقسام الجمل التي تفصل والتي توصل فيرى الفرق واضحاً بين جملتين تمتزجان جدّ الامتزاج حتى كأن إحداهما الأخرى"([144]). وبين جملتين لا يوجد التناسب بينهما فإحداهما مشئمة والأخرى معرقة"([145]) هما وسط بين الأمرين فيحكم بوجوب الفصل في النوعين الأولين والوصل في النوع الثالث.
ولا يخفى أن الفصل والوصل فيهما ضرب" من ضروب الإيجاز ولاسيما الإيجاز الذي يعرف بالاكتفاء أو إيجاز الحذف، وهو باب من البلاغة ذو قيمة كبيرة"([146]) وهذا دليل على رفعة منزلة هذا الباب في علم المعاني، بل من علم العربية بعامة فهو" أمر من أهم أمور النظم، وقضية من أخطر قضايا البلاغة وفن التعبير في اللسان العربي"([147]).
نخلص مما سبق من الكلام إلى أن اهتمام أهل الفن البلاغي بموضوع الفصل والوصل وتعظيمهم إياه سببه أن إدراك محاسن هذا الأسلوب ومعرفة أسراره وتمييز مواطن جماله إنما يرجع إلى الذوق.
ومن المعلوم" أن الذوق ليس أمراً معيارياً ولا قياسياً، وإنما هو ذاتي شخصي، لا يعتمد عليه في مجال الضبط والتقنين"([148])، لذلك فإن وصف هذا الموضوع ونقله إلى الأجيال اللاحقة كان ولا يزال أصعب شيء على البلاغيين.