أنت هنا

قراءة كتاب عمال البحر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عمال البحر

عمال البحر

يعيش بعض الناس في حياتهم غربة ما بعدها غربة، غربة تعزلهم عن العالم والناس لا لشيء، إلا لأنهم جاؤوا من المجهول، وسيبقون في المجهول، وسيعودون إلى المجهول، حيث لا إنسان سيعلم عنهم شيئاً، وليس لديهم إلا فرصة واحدة ستتهيأ لهم، لكنها كالسراب الذي لاح في صحراء قاح

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
كان المنزل معروفاً باسم «بودي لاري». يقع فوق أرض صغيرة أشبه بصخرة مستطيلة تمتد إلى مسافة ما في البحر.. بقربه بئر ماء عميقة، ويكاد المنزل يكون الوحيد خارج الجزيرة الذي توجد أمامه مساحة صغيرة تصلح لأن تكون حديقة صغيرة.
 
ليس في غارنسي أكثر ندرة من وجود السحرة. إنهم يقومون بوظائفهم في بعض الضواحي، ولم يكن القرن التاسع عشر ليحد من نشاطاتهم أبداً.
 
لقد كانوا يقومون بأعمال إجرامية بطرق ملتوية. كأن يغلوا الذهب ويقطفوا الأعشاب عند منتصف الليل، وينظرون إلى الناس من خلف النوافذ والأبواب... يحملون معهم زجاجات مملوءة بـ «مياه المرض» وكثيراً ما سمعناهم يقولون: إن الحياة تبدو كئيبة نوعاً ما. لاحظ أحدهم، في أحد أيام آذار عام 1826، وجود مريض بسبعة شياطين.. «رآه»، على حد قوله، بتلك المياه. التي يحملها دائماً. كما أن آخر «سحر» فراناً وعجينه ومخبزه. وثالثاً، من اختصاصه فض المغلفات وختمها بسرعة ومهارة وهي «فارغة».. وذهب رابع إلى القول: إن بإمكانه وضع أربع زجاجات فوق خشبة، في صف واحد، مختومة بالحرف (ب).
 
إن هذه الأمور الوحشية تبدو ملحوظة دائماً. كما أن بعض السحرة يبدون مرحين أحياناً؛ إذ يتكفل بعضهم بطرد الأوهام جميعها من حولك.. فتراهم يستلقون فوق السرير ويبدؤون بالصراخ فتظن أن أمراضك كلها انتقلت إليهم واسترحت منها... بينما يتكفل بعضهم الآخر بشفائك من العوارض جميعها بأن يعقد لك منديلاً حول عنقك وغالباً حول خاصرتيك.. طريقة يظن بعضهم أنها لم تكن تعرف في السابق. وتنبه البلاط الملكي، في غارنسي إلى تعويذاتهم، فكانوا يأتون بهم ويضعونهم فوق أكوام من الحطب ويحرقونهم أحياء. أما في أيامنا هذه فقد خفت العقوبة، وأصبحت ثمانية أسابيع سجن أو أربعة: غذاؤهم الوحيد، خبز يابس وماء.
 
كانت آخر عقوبة حَرْق شهدتها غارنسي عام 1747، فخصصت البلدة لهذا «الاحتفال» أجمل موقع فيها: مفترق البورداج، حيث أُحرق أحد عشر ساحراً منهم منذ عام 1565 إلى عام 1700.
 
كان لهؤلاء المجرمين، وهم يواجهون عقوبة الموت، رغبات تلبى بالعذاب. لقد أدى مفترق البورداج خدمات جلى للمدينة والمنطقة على حدٍّ سواء.. إذ شهد إعدام الكثير من الخارجين عن القانون المشعوذين... فقد أحرقت، في عهد ماري تيودور، امرأة وابنتاها: كانت المرأة تدعى بروتين ماسي.. وكانت إحدى بناتها سمينة.. حامل.. وكان وضعها فوق الجمر اللاهب.
 
تقول الرواية: إن بطنها «انفجر» وخرج منه ولد حي، تدحرج فوق الجمر فتلقاه رجل يدعى هوس.. ولكن الراهب الكاثوليكي غوسلين، أجبره على إعادته إلى النار من جديد.
 
* * *

الصفحات