أنت هنا

قراءة كتاب عمال البحر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عمال البحر

عمال البحر

يعيش بعض الناس في حياتهم غربة ما بعدها غربة، غربة تعزلهم عن العالم والناس لا لشيء، إلا لأنهم جاؤوا من المجهول، وسيبقون في المجهول، وسيعودون إلى المجهول، حيث لا إنسان سيعلم عنهم شيئاً، وليس لديهم إلا فرصة واحدة ستتهيأ لهم، لكنها كالسراب الذي لاح في صحراء قاح

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
إن الفقر والغنى سيّان. كان لجيليات حقل وبيت ومع ذلك يقرنونه دائماً بالذي لا يملك شيئاً، فهو لم يكن فقيراً إذاً. إن المرأة تتزوج الشيطان إذا كان غنياً، فلماذا لم يتزوج هو؟
 
أجابها:
 
- سأتخذ زوجة عندما تتخذ الصخرة التي تغني لنفسها رجلاً.
 
لم تكن الصخرة التي تغني إلا حجراً كبيراً مغروساً قرب لموزيريه دي فري. حجر كبير يلفت النظر. لا أحد يعرف ما يفعل هناك، يسمع فيه ديك يغني ولكنه لا يرى، إن ذلك شيء مزعج حقاً.
 
كان الملك القاضي العادل فرنسوا الأول يعمد إلى طهو السحرة فيضعهم في الماء الساخن ويقول متذوقاً الطعم: إذا كانت هذه المرأة أو ذاك الرجل من السحرة أم لا. وإنه لمن المؤسف اليوم ألاّ يعمد أي ملك إلى مثل هذه الأمور.
 
كان جيليات - ولعل له في هذا ما يبرره - يعيش حاملاً هذا التفكير: جو السحرة. إذ حدث ذات ليلة أنه حلم بالأمواج تتقاذفه وسط بحر هائج وهو معزول في مركب صغير يصرخ منادياً ساحرة انتصبت أمامه:
 
- هل لي مخرج من هذا المأزق؟
 
أجابه الصوت: كيف لا؟ يا للتعاسة.
 
أليس في ذلك ما يدل على أننا مصيبون فيما نقول.
 
وإليك مثلاً آخر:
 
سمع بعضهم جيليات يسأل:
 
- كيف حال فيزن بوفار؟ (وكان هذا الأخير بنّاء سقط من ارتفاع شاهق ومات).
 
- في أحسن حال.
 
- يا إلهي، كيف ذلك وهو الذي سقط من ارتفاع شاهق كهذا؟
 
كان جيليات يتكلم وصوت يجيبه، مما لم يدع مكاناً للشك في نفوس الآخرين.
 
رآه بعضهم الآخر يحمل الجرة، ويسكب ماءها على الأرض فينساب الماء راسماً صورة الشيطان أمامه.
 
أصبح جيليات حديث السكان والمزارعين خاصة، ولنستمع إلى هذا الحوار بين اثنين منهما:
 
- ألا تظن يا جاري أنني أملك ثوراً كبيراً؟
 
- لا يا جاري، لا.
 
- إذن صحيح ما أقوله؟
 
- إنه مفيد سماداً لا لحماً.
 
- يا للعجب.
 
- ألا تعتقد أن جيليات قد نظر إليه يوماً؟
 
كان جيليات يقف دائماً في آخر الحقول، تحت الأشجار بالقرب من العمّال، ويحدثهم عن أشياء غريبة لا يفهمونها.

الصفحات