كتاب " بيع الأوطان بالمزاد العلني " ، تأليف د. عبدالله الصالح العثيمين ، والذي صدر عن
أنت هنا
قراءة كتاب بيع الأوطان بالمزاد العلني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
في فمي ماء كثير
[1]
عنوان هذه المقالة جزء من بيت ورد في قصيدة للشاعر المشهور نزار قباني. وهو شاعر أُلهم تطويع الكلمة بشكل يندر مثاله. ومع تلك الصفة التي وُهِب إياها فإن شعره لم يَخلُ من هفوات تبرهن على أن لكل جواد كبوة. ووجود هفوات عند شعراء عمالقة أمر يعرفه من هم أهل للحكم على الشعر جيده وضعيفه.
وقصيدة نزار المشار إليها ألقيت في مهرجان المربد يوم كان العراق عراقاً لم يَحلَّ به ما حَلَّ من كوارث ونكبات. وعنوان تلك القصيدة " إفادة في محكمة الشعر". وتُعدُّ من أروع ما كتبه ذلك الشاعر؛ بل تُعدُّ من عيون الشعر الحديث والمعاصر. ومطلعها:
مَرْحباً يا عراق...
جئت أُغنِّيك
وشَيء من الغِنَاء بُكاء
تُرَى لو كان ذلك الشاعر الآن حياً، ورأى ما حَلَّ بعراق أُمَّته، هل سيقول:
وشَيءٌ من الغِنَاء بُكاءُ؟ أَبقي شَيء للغِنَاء لا للبُكاء؟
ومن تلك القصيدة:
في فَمي يا عِراقُ ماءٌ كَثيرٌ
كيف يشكو من كان في فيه ماء؟
أجل؛ ما أكثر الأفواه الممتلئة ماء في جموع أُمَّتنا المغلوبة على أمرها! لقد رأى الجميع كيف بدأ العام، الذي انتهى قبل أيام قليلة، وكيف انتهى. رأى الجميع كيف بدأ ذلك العام باستمرار عدوان صهيوني بشع على غَزَّة؛ وهو العدوان الذي باركه وأَيَّده تأييداً قوياً واضحاً متصهينون في الغرب عامة وفي أميركا خاصة. ورأى الجميع، أيضاً، كيف كانت مواقف بعض الزعماء من أُمَّتنا تجاه ذلك العدوان الهمجي البشع بين غير مكترث بما كان يُرتكَب من جرائم صهيونية فظيعة وفَرِح في سرِّه - وربما مُتواطئ من خلف الستار مع ذلك العدوان ومُحرِّض عليه - أملاً في أن تكون نتيجته إخماد أَيِّ حركة مقاومة للاحتلال الصهيوني ليبقى مرتاحاً في كرسي السلطة ومهيمناً عليه. ولَعلَّ مما يدل على ذلك أن هؤلاء المتواطئين، أو المُحرِّضين، لم تكن لديهم الشجاعة لِيردُّوا على أقوال قادة الصهاينة، الذين أشاروا إلى ذلك التواطؤ أو التحريض بوسائل متعددة.