أنت هنا

قراءة كتاب بيع الأوطان بالمزاد العلني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بيع الأوطان بالمزاد العلني

بيع الأوطان بالمزاد العلني

كتاب " بيع الأوطان بالمزاد العلني " ، تأليف د. عبدالله الصالح العثيمين ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

أما شعوب أُمَّتنا فقد اتَّضح جَليّاً أن أصوات الذين ما زالت تَدبُّ فيهم بقية من حياة وحياء، هنا أو هناك، لم تكن إلا أصواتاً غير مسموعة أو مُؤثِّرة. ذلك أنها كانت بمثابة أصوات في مقبرة أشرب من هم فيها كؤوس الذل والمهانة حتى الثمالة. ومَرَّت أيام العام الثقيلة وطأة ولسان حال كل رجل وامرأة من هذه الأُمَّة يقول:

كُـلُّ يـومٍ يَمـرُّ يَـزداد ذُلِّـي

في فـؤادي تَمكُّنـاً ورُسوخـاً

وإذا حَـرَّك الزَّعيـم عَصـاه

رَكـعَ الكل للزَّعيـم رُضوخـاً

رَحِـم الله مَوقِفـاً كنـت فيـه

رَافـعَ الرأس عِـزَّة وشُموخـاً

وقرب نهاية العام المنصرم، الثقيل وطأة، المليء ذُلًّا وإذلالاً، جاء رَدُّ الغرب على دعوات أصحاب النوايا الطيبة من المسلمين - كما تَوقَّع كاتب هذه السطور وأمثاله - صريحاً واضحاً؛ وهو رفض تلك الدعوات بطرق مختلفـة. ومن هذه الطرق ما حدث من تصويت في سويسرا - بلد البنوك المودع في خزائنها كثير من الأموال العربية السرِّية، التي يَعرف من يَعرف كيف جمعها أصحابها الأبطال الشرفاء ولا يعرف الكثيرون ذلك - ظهر فيه أن أغلبية شعب تلك البلاد تعارض بناء منائر للمساجد فيها. وأظهر، أيضاً، استفتاء للرأي العام الفرنسي أن الكثيرين من الفرنسيين يعارضون بناء مساجد في بلادهم. ومن المُرجَّح أنه لو حدث استفتاء في بلدان أوروبية غير سويسرا وفرنسا لكانت النتيجة مشابهة لما حدث في هذين البلدين. ذلك أن الأوروبيين يَظلُّون غير معترفين بنبي الإسلام وإن تظاهروا بأنهم مع حرية الأديان.

ولم يقف الأمر عند ما سبق ذكره، وحَيِّز هذه المقالة لا يسمح بالإشارة إلى أمثلة عديدة تبين تَجمُّع أعداء المسلمين ضد أُمَّتنا المسلمة. ويكفي دليلاً على ذلك ما هو حادث في أفغانستان من جنود أولئك الأعداء مرتكبين يوماً بعد آخر جرائم بشعة ضد الأبرياء. ولهذا تكفي الإشارة باختصار إلى ما حدث في العام الذي انتهى من ظهور عداء الزعامات الغربية؛ وبخاصة بريطانيا، تجاه قَضيَّة غَزَّة بالذات. فقد وقف زعماء تلك الدولة ضد محكمة بريطانية أصدرت أمراً، أو حكماً، باعتقال مجرمة الحرب الصهيونية، وزيرة خارجية الكيان الصهيوني السابقة، إن هي أتت إلى بريطانيا، وصَرَّحوا بأن تلك المجرمة مُرَحَّب بها دائماً في بلادهم. بل إن كبيرهم، خليفة بلير، الذي عرف العالم كله - بمن فيهم شعبه - كذبه الذي استُخدِم من بين الذرائع القذرة للعدوان على العراق واحتلاله، صَرَّح بأن الكيان الصهيوني لو أَعاد الهجوم على غَزَّة لأيَّده كلَّ التأييد. على أن هذا الموقف غير مستغرب من قادة دولة هي التي مَهَّدت الطريق بوسائل مُتعدِّدة لإنشاء ذلك الكيان العنصري على أرض فلسطين.

وأما ما حدث عند نهاية ذلك العام المنصرم، الحافل بالنكبات المتتالية لأُمَّتنا العربية، من توجيه بعض زعماء العرب أسلحتهم المختلفة التنوُّع؛ مادياً ومعنوياً وإعلامياً، في وجوه بني جلدتهم وبناتها فهو الأمر الأَشدُّ وطأة، الذي لا يدانيه سوءاً ورداءة أمر سواه. ومما يؤسف له أَشدَّ الأسف أن مُجرَّد الحديث عن هذا بصراحة قد أصبح غير مسموح به في بعض أقطار أُمَّتنا. وعدم السماح به يوحي بأن من لا يسمحـون به مُؤيِّـدون إلى حَدٍّ ما لما يحدث. وما للمرء - وهو يشاهد ما يحدث من أولئك الزعماء وما يتخذ من مواقف تجاه الحديث عنـه بصراحة - إلا أن يعيد قول بيت الشاعر نزار قباني المشار إليه سابقاً وإن بتغيير كلمة فيه قائلاً:

فِي فَمِـي يا صِحابُ مَـاءٌ كَثيـرٌ

كَيف يَشكـو من كان في فيه مَـاء؟

الصفحات