كتاب " بوبال " ، تأليف د. محمد موسى بابا عمي ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب بوبال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بوبال
المقطع الأول
أنا... عائلتي... مدينتي...
«لو كان الفقر رجلاً لقتلته»
(عمر بن الخطاب رضي الله عنه )
كان عمري ليلة الأحد الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، سنة أربع وثمانين وتسع مئة وألف، أحد عشر عاماً...
كنت وديعاً، كثير التأمُّل والتفكُّر، مختلفا جدّاً عن أقراني وأترابي، الذين يفضِّلون اللعب على القراءة والمطالعة؛ ومع ذلك فقد حقَّقتُ نتائج متوسِّطة في سنيّ الأولى؛ ذلك أنني أمقُت الحفظ وترديدَ ما تعلَّمته كالببغاء، وأبحث دوماً عن المعنى والسبب كالهدهد... باختصار شديد: عشقتُ التفكير والفهم، حتى جنى ذلك عليَّ وعلى الكثير من مسارات حياتي.
والدي عامل في مصنع للكيمياويات، ظهرت تجاعيدُ الشيخوخة على مُحيَّاه، وارتسمت آثار المحن فوق جبينه، مع أنَّه لا يزال كهلاً... لا، بل قد بلغ الأربعين السنةَ الماضية...
مدينتي جميلةٌ جدّاً في طبيعتها، تُطلُّ على بحيرات مائية عريقة، شمسُها ناصعة دائماً، وجوُّها دافئ أبداً، لولا أنَّ أهلها عرفوا الفقر والمسكنة منذ أمدٍ، فاقتنعوا بالقليل، وامتهنوا الشقاء، ورضوا بقدرهم رضاً مُميتاً... رضاً قاتلاً... رضاً أشبه بالرضا؛ ولكنه مختلف عنه قلباً وقالباً...
كان الليل يخيفني كلَّما أسدل سِتره، فأترقَّب طلوع الشمس مؤذنة ببزوغ فجر جديد، تماماً كما ترقَّب (المهاتما غاندي) تحرير بلدي (الهند)، من براثن الاستعمار الإنجليزي، وفكَّها من بين مخالب الظلم.