أنت هنا

قراءة كتاب العالم الإسلامي في مواجهة التحديات الغربية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العالم الإسلامي في مواجهة التحديات الغربية

العالم الإسلامي في مواجهة التحديات الغربية

كتاب " العالم الإسلامي في مواجهة التحديات الغربية " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7

فلا بد من وضع سياسات واستراتيجيات واقعية للتعامل مع هذه التحولات، وتقليل آثارها السلبية على وحدة صف الأمة المسلمة في مواجهة خصومها.

وتقييمي لهذا التقرير أنه تصعيد لمخططات ومكائد وأحقاد الغرب بقيادة أمريكة في مواجهة الإسلام وتجميده، امتداداً لما جاء في مذكرات الرئيس الأمريكي الأسبق (نيكسون) 1971م، من ضرورة مواجهة عدوين: الشيوعية والإسلام، وحينما انهار النظام الشيوعي في 1989م اتجه الغرب إلى تصفية العلاقة مع الأمة الإسلامية، من أجل القضاء على مقدراتها وتطلعاتها، ونهب ثرواتها، وتفريغها من ارتباطها بدينها، وتشويه القرآن في محاولة الرئيس الأمريكي السابق بوش (الابن) بإصدار ما سمي «بالفرقان الحق»[14] الذي هو تجميع بين الفكر الصهيوني والمسيحي المتصهين وبعض مضامين القرآن المعتدلة، والذي وضعه قسيس عربي فلسطيني، فأصيب هذا المشروع بالإحباط والانهيار، فهو محض الباطل..

وسار الغرب في أساليبه العدوانية بتنفيذ بند سري في معاهدة (كامب ديفيد) منذ ثلاثين سنة لتحجيم الإسلام، وهم يحاولون إضعاف الأزهر والعبث بالمعاهد الدينية في جميع البلاد الإسلامية تمهيداً لإلغائها، ويرون أن إندونيسية وغيرها من بلدان شرق آسية تصلح أنموذجاً للمسلمين المعتدلين، أي الإسلام بالمفهوم الأمريكي، وهو الفاقد لكل أصول العقيدة والنظام والأخلاق، وذلك من طريق الإعلام الماجن والمسيء في القنوات الفضائية والإذاعية مثل (راديو سوا) و(قناة الحرة)، وغيرها من الإذاعات كالإذاعة الموجودة في قبرص للطعن بالإسلام، ومنها خطاب البابا الحالي بن يكيت السابع عشر المسيء للإسلام في عام 2008م، والرسوم (الكاريكاتورية) الاستهزائية في الدانمارك وأوربة وإسرائيل وغيرها للإساءة لنبي الإسلام، ومؤازرة الصهاينة، وتطبيق مخططاتهم العدوانية.

وتم تفعيل كل هذه الاستراتيجيات في عهد الرئيس الأمريكي بوش الابن ورئيس الوزراء البريطاني بلير، وتأييد ألمانية وفرنسة وغيرها من الدول الأوربية، وتحولت هذه الخطط إلى أسلوب آخر يعتمد على الحوار والمسالمة وإظهار النوايا الحسنة في عهد الرئيس الأمريكي الحالي أوباما، ولكن في حدود المجاملة فقط، حيث أصدرت جريدة في (لوس أنجلوس) أن سياسة أوباما مجاملة كل من اليهود والعرب. وعلى الأمة العربية والإسلامية تفعيل خطة التضامن للتغلب على هذه الخطط العدوانية الفكرية.

وعلى أمريكة والغرب أن يدركوا إدراكاً حقيقياً استحالة القضاء على العالم الإسلامي وتفريغه من محتواه العقدي والفكري، فإن الإسلام ليس كالشيوعية التي سقطت من دون حرب، لضعفها البنيوي والمبدئي، فالإسلام رسالة خالدة ودائمة في العقيدة والسياسة والعبادة والاجتماع والاقتصاد.

إن الإسلام عقيدة ونظام حياة، والعقيدة فيه أو الإيمان بناء صلب في قلب كل مسلم ودمه وشعوره وعقله وإدراكه، يلازمه مدى الحياة، ولا يتخلى عنه مهما كانت الظروف، ونظام الإسلام عبادة وأخلاق وقيم تصلح الفرد والجماعة، والقرآن محفوظ بحفظ الله تعالى إلى يوم القيامة، ومؤسسات الإسلام العلمية والتربوية في الأزهر والمعاهد الشرعية قلعة حضارية لحفظ نظام الإسلام، والكعبة لتوحيد عبادات المسلمين، والمساجد وخطب الجمعة للتذكير الدائم وتجديد العهد مع الله سبحانه، وتربية الأجيال، والسلام قاعدة أساسية في منهج العلاقات مع غير المسلمين، والجهاد شريعة دائمة لصد العدوان، ودرء الفساد والتسلط الخارجي، والدفاع عن مقدرات الإسلام وقيمه، فماذا تنكرون علينا أيها الغربيون سوى أنكم ابتعدتم عن أصول الدين وثوابت الأخلاق، ونحن نتمسك بها؟!

وكما أن أمريكة والكيان الصهيوني وحلفاءهما هُزِموا عسكرياً في كل من أفغانستان والعراق والصومال ولبنان وغزة وغيرها باعترافهم الصريح، فإنهم مهزومون سلفاً في مجال الفكر والصراع الحضاري، وسيبقى خالداً على الدوام المارد الإسلامي الجبار، والعملاق الإسلامي الصامد الذي استطاع طرد الاستعمار وأعوانه في القرن العشرين، لأنه صانع أمتنا وشعوبنا القادرة على المواجهة، ولو لم تمتلك وسائل القوة الجبارة، فإن عقيدتنا وأفكارنا تلازم دماءنا وقلوبنا ومشاعرنا في كل وقت، سواء في الماضي والحاضر والمستقبل، وستتحطم على هذه الصخرة العاتية كل مخططات الغرب وأمريكة ومكائدهم ومؤامراتهم.

ولعل الرئيس الأمريكي (أوباما) يستطيع التخفيف من غلواء السياسة الغربية، والاستكبار العالمي، وإن كان - في تقديري - يلتزم الأصول والمبادئ الأساسية لهذه السياسة.

وأما نقيق العلمانيين الضفادع ممن ينتمون للعروبة، فهم مجرد نكرات وإمِّعات، رضوا بأن ينسلخوا من جلودهم لمطامع مادية ومعنوية، وقبلوا بأن يكونوا مجرد ببَّغاوات للمنهاج الغربي، ونقيقهم لا يتجاوز حناجرهم، وهم أدوات هزيلة ومريضة فكرياً، فقدوا كل مقومات الشخصية الذاتية، وانصاعوا لمطالب أمريكة العجوز والصهيونية الهابطة التي تتعرض اليوم للهزائم المتوالية، والجري في سُلَّم النزول، لينهاروا في النهاية في نار الدنيا وجحيم الآخرة.

و (العلمانيون الإسلاميون) جبناء، وعملاء الاستعمار يزدردون أقوى المستشرقين ويقلدونهم، وهم من سلالة المنافقين الذين وصفهم الله تعالى في قرآنه: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ *} [التوبة: 9/87] وسيلفظهم التاريخ كما لفظهم عوام الأمة، وسخروا منهم، وأصبحوا هياكل منبوذين في زوايا المستنقعات والمياه الآسنة، ورموزاً للخيانة الفكرية والدينية والوطنية والقومية.

وأما (المعتدلون المسلمون) فهم لا يدركون ما يفعلون، وإن أدركوا فالاعتدال ليس هو الاعتدال الإسلامي القرآني النقي الرفيع، وإنما هو بالمفهوم الأمريكي الذي يعني التبعية والذلة والمهانة، وذلك هو أدنى درجات الهبوط الفكري، من أجل إرضاء الأمريكان والأوربيين وأتباعهم، فهل لهم من يقظة ووعي وإحساس بما تُعاملنا به أمريكة وجنودها؟! إن هذه الفئات الضالة يستحقون صفعة أخرى من حذاء البطل الجريء منتظر الزيدي العراقي الذي صفع به وجه الرئيس بوش في أعز سلطانه الصفعة التاريخية الخالدة في العراق، والذي لا ينسى له التاريخ هذا الموقف الوطني المشرف لأسوأ رئيس معاصر في العالم الحديث.

وأما استراتيجيات احتواء الإسلام[15] فهي وإن لم تكن محل إجماع في الغرب أو الشرق، لكنها مثيرة للقلق، على الرغم من أن الإدارة الأمريكية بعد أحدث سبتمبر (أيلول) في عام 2001م وشاركها العديد من المراكز الفكرية، أكدت أنها ليست في حالة حرب مع العالم الإسلامي، وإنما المواجهة فقط ضد التيارات المسلحة التي هاجمت الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2001م، ولكن بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) أظهرت الأعوام حدوث تحول آخر في الفكر الأمريكي، وهو الانتقال من معاداة التيارات المسلحة فقط، إلى إظهار العداء والتخوف من معظم تيارات العمل الإسلامي سواء في أمريكة وأوربة، أو في العالم العربي والإسلامي، وهي نقلة نوعية تتركز في جانبين:

الأول : هو أن المواجهة ليست مع فئة أو فصيل من التيار، وإنما مع كل التيار الإسلامي.

والثاني : هو الانتقال من مواجهة هذا التيار إلى توجيه التيارات العلمانية في العالم الإسلامي إلى خط المواجهة الأول مع التيار الإسلامي، أي الانتقال من مواجهة التيار الإسلامي إلى الحرب الشاملة على غرار الحرب الباردة بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي.

وبعبارة أخرى: المقصود هو إعلان المواجهة الفكرية الشاملة ضد الإسلام أولاً، وضد التيار الإسلامي بمختلف توجهاته ثانياً، وأخيراً ضد كل من لا يعادي الإسلام علانية وصراحة حتى من الغربيين أنفسهم، أو من باقي الشعوب.

الصفحات