كتاب " العالم الإسلامي في مواجهة التحديات الغربية " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب العالم الإسلامي في مواجهة التحديات الغربية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
العالم الإسلامي في مواجهة التحديات الغربية
الإسلام والغرب - ظاهرة كراهية الإسلام
العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب ازدادت تعقيداً وسوءاً في مطلع الحرب العالمية الأولى 1914-1918م، وسادها الظلم والتعسف والاستكبار والتعصب العرقي وإهدار المصالح العربية والإسلامية، وظهور طغيان المصالح الغربية والنظرة الدونية للشعوب الآسيوية والإفريقية، وإشاعة الدسائس والفرقة وإضمار الحقد واستغلال التخلف، والاعتماد على قوة البطش والتدخل العسكري، ومحاولة نهب الثروات القومية المعدنية النفيسة الجامدة كالذهب والفضة والبلاتين والأورانيوم، والسائلة كالنفط والغاز. وزادت أطماع الدول الغربية سواء فيما بينها، أو بينها وبين غيرها. واكتوى العالم العربي والإسلامي بنار الاستعمار البغيض والتجزئة، وكانت بريطانية هي زعيمة الاستغلال والتخطيط لتجزئة العالم الإسلامي، وتقطيع أوصاله في النصف الأول من القرن العشرين، ثم ورثتها أمريكة بعد الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم.
ومنشأ التدخل الغربي في قضايانا أمران: النهضة الصناعية الغربية في القرن التاسع عشر، وتفاقم القوة العسكرية الرهيبة لدى الغرب، مما أورثهم عنفواناً واستكباراً وطغياناً ومحاولة مستميتة للتسلط على مقدراتنا، ولفتح الأسواق العالمية أمام المنتجات الصناعية المتطورة.
وشهد العالم في مطلع القرن العشرين حرباً عالمية أولى في أوربة أقحم فيها العرب والمسلمون، وكانت هناك أسباب خمسة خفية لنشوب هذه الحرب وهي[17]:
1- نظام المحالفات السرية، إذ عقد تحالف ودي بين ألمانية والنسمة وروسية سنة 1872م، ثم أبرم تحالف ثلاثي بين ألمانية والنمسة وإيطالية، وعقد تحالف بين فرنسة وروسية سنة 1891-1892م، بعد سقوط (بسمارك) مؤسس الاتحاد الألماني، وعقد وفاق بين فرنسة وإنكلترة سنة 1904 - 1905م، ثم وفاق ثلاثي بين هاتين الدولتين وروسية سنة 1907 - 1908م من أجل تقييد مطامع ألمانية، وإيجاد التوازن الدولي الأوربي، وإنشاء قوتين متكافئتين في أوربة.
2- تنامي الروح العسكرية في أوربة، حيث شاعت فكرة توحي بأن قوة الشعوب الحربية هي مصدر كل قوة وسلطة، وأن الحق دائماً في جانب القوة، وظلت هذه الروح مهيمنة في أوربة وأمريكة وروسية وغيرها إلى الآن، كما كانت كذلك ظاهرة شائعة في الإمبراطورية الرومانية.
3- نشوء الفكرة القومية بين شعوب أوربة، فاتجهت شعوبها المرتبطة برابط اللغة والجنس والتقاليد وأساليب الحياة إلى الحرص على هذه الفكرة التي وحدت ألمانية وإيطالية، وكانت سبباً في تمزيق شمل الإمبراطورية العثمانية، مما أدى إلى نشوء سلسلة الحروب البلقانية.
4- الاستعمار الاقتصادي، فإن الثورة الصناعية التي انتشرت في أوربة أدت إلى زيادة الإنتاج، والبحث عن أسواق تجارية لبيعها، واستيراد مواد أولية لصنعها، مما أدى إلى التنافس الاستعماري في الدول الغربية، على حساب البلاد المتخلفة في آسية وإفريقية ومنها العالم الإسلامي.
5- تأثير الصحافة: أخذت صحافة الدول الكبرى تسمم الرأي العام، وتثير النعرات الوطنية، وتغالي في بحث القضايا السياسية علناً، مما أثر في السياسة وقادتها، حفظاً على مراكزهم، وانعكست آثار هذا التدخل صراعاً بين الأوربيين، ونزاعاً في الأسواق المالية الآسيوية والإفريقية.
ثم نشبت الحرب العالمية الأولى بين معسكري المحور (ألمانية والنمسة ثم تركية وبلغارية) والحلفاء (فرنسة، وروسية، وإنكلترة، وإيطالية، واليونان، والصين، واليابان، وبلجيكة واليونان، والجبل الأسود، ورومانية، والبرتغال، والولايات المتحدة الأمريكية) وكان العرب ضد تركية في هذه الحرب، وانتصر الحلفاء على دول المحور، وهزمت ألمانية ومعها حليفتها تركية.
وكان من آثار هذه الحرب أن الحلفاء أجبروا الدولة العثمانية على توقيع معاهدات الصلح التي تقضي بحل المسألة الشرقية (مسألة تركية) حسب مصالحهم، وسلخ البلاد العربية عن جسم الدولة، واحتلال المضايق والعاصمة إستانبول، وقسم من الأناضول، فقامت حركة وطنية في الأناضول بقيادة مصطفى كمال أتاتورك الذي ألَّف حكومة في أنقرة، ورفض معاهدة سيفر، وجمع مجلساً وطنياً وضع دستوراً جديداً للبلاد في سنة 1921م، وهاجم الجيوش اليونانية في غربي آسية الصغرى، واسترجع المضايق، وعقد مع الحلفاء معاهدة جديدة في لوزان في 24 تموز سنة 1923م، وألغيت بذلك بنود معاهدة سيفر، واستعادت تركية أراضيها المحتلة، وأخرجت الحلفاء من إستانبول، وألغت الامتيازات الأجنبية، وفي سنة 1923م تقرر النظام الجمهوري في تركية، وانتخب مصطفى كمال رئيساً للجمهورية، وألغى الخلافة الإسلامية، وقام بمشاريع عمرانية واقتصادية، وبعد موته انتخب صديقه عصمت اينونو مكانه، الذي قاد تركية خلال الحرب العالمية الثانية، ووقف على الحياد طيلة الحرب.