أنت هنا

قراءة كتاب الغضب الإسلامي - تفكيك العنف

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الغضب الإسلامي - تفكيك العنف

الغضب الإسلامي - تفكيك العنف

كتاب " الغضب الإسلامي - تفكيك العنف " ، تأليف د.

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
الصفحة رقم: 6

(4)

نحن عندما ننظر للأعمال الفكرية السياسية التي حررها وأذاعها من كانوا مفكرين وموجهين للحركات الإسلامية السياسية التي اشتهرت بالعنف في العقود الماضية، نلحظ أنه مع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وأعمال الصحابة وأقوال الفقهاء، مع هذا الهيكل الفكري الذي يسوقه الواحد منهم في أي من كتاباته، نلحظ العبارات التي تنم عن رؤية معينة للواقع السياسي الاجتماعي المعيش حسبما يعبر عنه الكاتب، وإذا كنا نلحظ أن غالب الحديث يتعلق بالنصوص وسوابق الأحكام بحسبانه هو ما يحتاج إلى إثبات في نظر الكاتب، وأن أقل الحديث عندهم يوجه إلى بيان رؤيتهم للواقع السياسي الاجتماعي، وهو يُعرض بحسبانه نظراً مسلماً به ووصفاً مستقرّاً عليه لدى الكاتب والقارئ، إلا أنه يتعين علينا أن نسجل هذه الأوصاف الواقعية لنستبين منها رؤية الكاتب للواقع الذي تحياه الأمة، حسبما يرى هو هذا الواقع، لأن هذه الأوصاف للواقع هي ما جعله يختار النصوص والأحكام والسوابق الفقهية التي حدد بها وصفه لوقائع دهره، وعيّن بها ما يتعين أن يكون عليه سلوك الناس في مواجهة هذا الواقع، طبقاً لما اختاره مناسباً من أحكام الشرع الإسلامي لمواجهة هذا الواقع.

ويمكن الإشارة إلى أمثلة ما أريد بيانه، فمثلاً في كتاب «منهج جماعة الجهاد الإسلامي» والذي كان أعده عبود الزمر (ليمان طره 1986) يشير إلى الخلافة باعتبار أن سقوطها أفقد المسلمين سيفهم ودرعهم وقطع أوصال الدولة، ويشير إلى احتلال فلسطين وأفغانستان واضطهاد المسلمين، وأنهم أشتات في مواجهة عدو يستجمع قوته وأنصاره، وفي كتاب الفريضة الغائبة لمحمد عبد السلام فرج (1979 - 1981) يشير إلى صلة الحكومات بالاستعمار، ويلجأ إلى فتاوى ابن تيمية في عصر مقاومة التتار، ورسالة الإحياء الإسلامي يشير كاتبها «أبو عبد الرحمن (كمال حبيب) » في 1986 إلى أحداث مصر وإيران وأفغانستان والحروب الصليبية والاستعمار والصهيونية والخضوع لأمريكة. وهذا أيضاً ما يلاحظ في كتابات سالم الرحّال عن أمريكة ومصر والحركة الإسلامية، وذلك في أوائل الثمانينيات..

ونحن في هذا المجال لا نقيِّم الفكر السياسي ولا التقديرات السياسية الاجتماعية لحركات الغلو الإسلامية، ولكننا نحاول أن نوضح أنه لم تكن المسألة الأساسية لديهم متعلقة بما رأوه من إملاءات الفكر الإسلامي عليهم، وإنما كانت المسألة الأساسية أنهم استدعوا هذه الشريحة الفكرية الإسلامية دون غيرها على وجه الاختيار لها، لما قدروه في ضوء نظرتهم للواقع المعيش من أوضاع تستدعي منهم تصدياً لها بطريقة ظنوها مناسبة. ومن ثم فإنه هنا «في البدء» كان النظر إلى الواقع المعيش وتقديره، ثم يرد بعد ذلك النظر في كيفية التصدي له والتعامل معه من خلال المخزون الثقافي والإيماني، ومن خلال استدعاء نصوص بذاتها لبيان حكمها الذي ظنوه يعالج الواقع الموصوف.

والحاصل أن الغالب ممن تصدوا لفكر الغلو الإسلامي في بلادنا، إنما ناقشوه من منظور فكري وفقهي فقط، دون محاولة التوغل إلى المنظور الواقعي الذي رآه أصحاب هذا الفكر، واستدعى منهم هذا الاختيار الفقهي. ونُظر إلى الأمر بحسبانه خياراً فكريّاً خاطئاً، أو استخلاصاً فكريّاً خاطئاً، أي نُظر إلى الأمر بمعيار الصواب والخطأ في استخلاص الحكم من النصوص، وليس بمعيار الصواب والخطأ في تقدير أوضاع الواقع السياسي والاجتماعي لحال الأمة وما يمكن أن يتخذ من أساليب وسياسات في التصدي لما تواجه من تحديات واقعية. وذلك كان في ظني حواراً لم ينتج ثمرة.

الصفحات