أنت هنا

قراءة كتاب الغضب الإسلامي - تفكيك العنف

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الغضب الإسلامي - تفكيك العنف

الغضب الإسلامي - تفكيك العنف

كتاب " الغضب الإسلامي - تفكيك العنف " ، تأليف د.

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
الصفحة رقم: 9

على الجهة المقابلة لعالمنا، طُرِح العديد من الأفكار والمقولات التفسيرية لما سمي بـ"الإرهاب الإسلامي" حتى شكَّل تاريخ 11 سبتمبر 2001م علامة فارقة في سوق الكتب الغربية على وجه الخصوص، ومن ثم انشغلتُ في القسم الثاني من هذا الكتاب، بمعالجة موضوع "الإسلام والإرهاب" وتم فيه حصر الرؤى والأطروحات المتداولة في المجال الغربي، في حدود معرفتي ومتابعتي لها، مع صوغها في نماذج تفسيرية كلية، ثم ربطها بأصولها وخلفياتها الفكرية التي تشكل الأطر الحاكمة لتلك الرؤى والتفسيرات، وعلاقة تلك النماذج التفسيرية للإرهاب بالأطروحات الاستشراقية والأنثروبولوجية البارزة. وستكون تلك النماذج حاصرة للرؤى والأطروحات، وشاملة للسياسة والثقافة والدين والاستراتيجيا، بحيث يكتمل المشهد الغربي مع الحرص على إبراز التنوع في تلك الرؤى، حتى نتجنب الأحكام التبسيطية والاختزالية.

إن حصر الأطروحات الغربية في هذا المجال، من شأنه أن يتناول العديد من القضايا الحيوية ذات الصلة بموضوع الإرهاب، بدءًا بما يثيره المصطلح ذاته والمصطلحات المطوّرة عنه أو المنبنية عليه (مثل "الإرهاب الجديد"، "فرط الإرهاب")، ومحاولات إحالة الإرهاب إلى جذور دينية عقدية إسلامية، ومقولات مثل محضن الإرهاب، والطبيعة العنفية، وسؤال التفسير، والعلاقة بين الجهاد والإرهاب، فضلاً عن معالجة أسئلة مهمة لا محيد عن طرحها، نحو: لماذا يعد الإسلام مبعثًا للعنف؟ ولماذا يتغذى العنف على الإسلام؟ وما علاقة أحداث 11 سبتمبر بالحداثة والعولمة، إلى غير ذلك من القضايا والإشكالات التي يفرضها الموضوع وتفريعاته من قبيل كيفية تفسير تناقضات السياسة الأمريكية في التعامل مع ما سمته الأصولية، والآن الإرهاب، وتحديدًا تنظيم القاعدة والجهاد الأفغاني، وتفسير ذلك في ضوء أدلجة العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وحدود مراعاة الأيديولوجيا في السياسات الخارجية.

الإضافة الأهم التي سنقدمها في هذه الدراسة تتمثل في حصر الرؤى والأطروحات الغربية الكثيرة والمتزاحمة، وصوغها في نماذج تفسيرية كلية شاملة، ووضعها في سياق متصل يساعد على فهمها والربط فيما بينها، تمهيدًا للوصول إلى خلفياتها الفكرية والأيديولوجية التي تتحكم بها . ليتم بعد ذلك محاولة الإجابة على سؤال بالغ الأهمية، يتمثل في أسباب استعصاء الفهم الغربي للظاهرة الإسلامية بشكل عام، وللممانعة الإسلامية بشكل خاص ، والتي يتم وسمها بأسماء شتى، كالأصولية والإسلام السياسي، والإرهاب الإسلامي، إلى آخر القاموس الذي لا ينتهي. بل إن "جميع الكلمات المشوشة مثل الإحيائية أو الإصلاحية أو الأصولية هي مصطلحات استُحضرت بشكل استبدادي من اللغة الإنجليزية؛ فهذه الكلمات لا تصف - ولا يمكن لها أن تصف - الدرجات المتفاوتة للاجتماع والاحتجاج الإسلاميين"[2]، وهذا ما يفرض التركيز على تنوع الإسلام وتعقيده في نقد التفسيرات التي تجعل منه كلاً متجانسًا بسيطًا، أو أن المسلمين بمنزلة رجل واحد أصولي إرهابي عنفي!.

بقي أن تسمية "الغضب الإسلامي" اختيرت بعد تأمل، لتعبر بوضوح عن عدم تكوينية العنف في المجال الإسلامي، وأنها "حالة" عابرة، أثارتها عوامل عدة، ويمكن لها أن تهدأ بتهيئة أسباب الرضا، وإزالة عوامل الاستفزاز، فالكتاب يبين بوضوح أن تفسير الظاهرة يكمن في تحليل مركب، على مستوى الفكر الإسلامي، وفي سياق تفاعله مع التحولات العالمية، ومن التبسيط المخل قصرها على مجرد فئة ضالة انحرفت، أو ظاهرة إسلامية أيديولوجية مع تجاهل حركة العالم، والنظام السياسي الداخلي وتفاعلاته أيضًا ، بمعنى أن العنف المسلح هذا إنما ظهر في ظل "الدولة" القطرية، وعلاقتها بالداخل المجتمعي وبالخارج الغربي، وموقفها من الدين وحركته ودوره في حياة المجتمع وسلوكياتها تجاه أهدافه العليا. وهكذا تتم قراءة نشوء مفهوم الجهاد ضد الداخل أولاً، ثم تحول الاستراتيجية إلى الجهاد ضد العالم تحت عنوان "الجهاد ضد الصليبيين واليهود" لاحقًا.

آمل أن تقدم هذه الدراسة مساهمة ذات بال، في موضوعها ومجالها، وأن تشكل إضافة للمكتبة العربية، والله ولي التوفيق.

معتز الخطيب

الدوحة-2006

الصفحات