كتاب " عشق السكون كل إمراة هاجر " ، للمؤلفة نورية تشالاغان ، ترجمة
أنت هنا
قراءة كتاب عشق السكون كل إمراة هاجر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الــهـرب
حالي في الأيام الأخيرة يشبه حالَ الطقس, متقلّباً ومتدفقاً.. إنني كمن يتعلّق بجناح مروحة. كلما تغيّر الجنين كان يجذبني إليه أكثر, أشعر بأنني متعلّقة بثيابه.
كانت الأيام تمر..
الأسابيع تطارد بعضها.
بينما كان يتضح وجود الطفل داخلي مع كل يوم يمرّ كانت سارة تُظهر مشاعرها. كانت سارة تنتقدني باستمرار, وفي كل لحظة تذكّرني بأنني جارية, كانت تفتح جبهة ضدي.
تُعطي الأوامر, تسيء إليّ, تطردني. أُصبت بحالة من الصمت كأن سكينة نزلت على روحي.
صمتّ..
صمتّ بقدر ما سيقال عني عبر العصور, صمتّ بقدر براءة الطفل الذي أخبئه في أحشائي, صمتّ لكي لا أجرح إبراهيم, لكي لا أمزّق قلبه المفعم بالشفقة والحنان بين امرأتين.
صمتّ لأنني أعلم أن أصحاب الكمال يجدون بالصمت كمالهم.
كلما كان يستمر صمتي كانت سارة تحوّل مشاعرها إلى كلام:
- أيتها الجارية, أيتها المرأة السوداء(1)
- كان موعد الولادة يقترب, ما زاد من تعب سارة أكثر وأكثر. فقد كنت شابّة بقدر ما كانت عجوز. لم تعد روحي الشابة تحتمل توبيخ سارة وكلامها.
كانت سارة تعيسة وأما إبراهيم فقد كان حزيناً. كان إبراهيم زوجاً رحيماً وكان يعيش في مأزق بين زوجتين, ولم يكن يستطيع فعل أي شيء, كان مثقلاً بالحنان ومفعماً بالحب لكلتينا, لم يكن يجرح أياً منّا أو يسيء إليها.
بالإضافة للحزن الذي كنت أشعر به كان حزن إبراهيم يزيدني حزناً فوق حزن, كنت أبحث عن حلٍّ يريح إبراهيم ويريح سارة في آن واحد. أرشدتني حالتي الحساسة والعاطفية التي انتابتني بسبب الحمل إلى حلٍ جيد بدا أنه لا يوجد أي حل غيره.
فكّرت به أياماً. هل هذا هو الحل؟ كيف سأقوم به؟ كان القرار سهلاً ولكن التنفيذ لم يكن كذلك. كانت روحي تقول لي:
- هيّا... انتابتني موجة من القلق ومرّت. فكّرت بإبراهيم. هل سيحزن؟ شعور آخر في داخلي لم يفسح الطريق لعواطفي الجياشة تجاه إبراهيم. قالت:
- لا لا لا تتراجعي عن قرارك... صوت آخر نبع من داخلي قال:
- متى؟. لكن روحي كانت على عجلة من أمرها, فقالت:
- غداً, فوراً, في أقرب وقت.