كتاب " عمر بن الخطاب شهيدآ " ،تأليف عبد الله خليفة ، والذي صدر عن دار المؤسسة للدراسات والنشر .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب عمر بن الخطاب شهيدآ
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

عمر بن الخطاب شهيدآ
- الله يخليك والله إنك أحسن من الخليفة فهل توليت هذه الإمارة!
كاد أسلم أن يصرخ لكنه نهره· قال:
- ألا يوجد لديكِ رجلٌ مقتدرٌ أو ابنٌ كبيرٌ؟
- لدي ابنان ذهبا للجهاد في العراق منذ سنة واحدة ولم يرجعا ولم يأت خبر منهما··
- ألا يبعثان لك شيئًا؟!!
- أبدًا والله، كأنهما ضاعا هناك في تلك الحرب!
تحجرت الكلماتُ في حنجرته· وكأنه كان يطير في المسافة الطويلة المضنية إلى العراق·· ويرى الشابين يلهوان مع النساء، والجيشُ وراء النهر محاصرٌ والجحافلُ تحيطُ به من كل جانب!
- تعالِ غدًا يا أمةَ الله إلى بيت المال لنكتب لك عطاء ونبحث لك عن دار تأوين إليها ونرسل في طلب ابنيك··
- من أنت يا هذا؟ أتكون الخليفة نفسه؟!!
- تعالي غدًا، لقد كاد الفجر أن ينبلج وحان موعد الصلاة··
يحاول أسلم أن يمسكه وهو ينزل مبعثرًا الحصى ؛ (أعليَّ أن أحمل هم أمة محمد كلها دون حشد من المعاونين والعيون·· أأدع كل هذه الآلامُ تتفجرُ في كل مكان دون عين تراها وضمير يندفع لتلبية حاجاتها؟ من يدري ما هو مصير أطفال اليمن الآن أو البحرين؟! ما هكذا تكون الإمارة يا عمر!)·
وهو يصلي ينسى كلَ شيء خارجها، التراب والحصى والنيران التي تفحُ تحت القدور، والتلال اللامبالية بهمومهِ والطريق الطويل إلى العراق والمقفر والصامت، وعذابات الناس وسعادتهم، يذوبُ، يخضع في حضرة الإله·
في الظهيرة كان حشدٌ كبيرٌ في المسجد، ولا يزال الهدوءُ والصمتُ مخيمان على الناس، لا تزال الدكاكينُ تجذبهم، والسلعُ الملونة، والنسوةُ الفاتنات، والعيال، وتحسسُ الدراهمِ في الخزائن، والسلعُ في المخازن، وأنت المهمومُ بالجيش، المتمزقِ، المفتتِ بين الصحراء والنهر· وغدًا يكبرُ خالدٌ ويفتنُ الناسَ، وربما يظهرُ آخرون ويعيدون سيرةَ الملأ، ولا بد لهذه الجحافل البسيطة المبعثرة بين سلعِ السوقِ والظهيرةِ والرمال والجوع والإبل أن تنهض، وتملأ الآفاق!
يصيحُ بالرجال:
- إنني أدعوكم مرارًا لنجدة إخوانكم وأنتم تسدون آذانكم عني، والله إنني أموتُ كل يوم من هذه الإمارة، أبحث عن نجدتكم فلا أجدها· أتريدون أن أكون وحدي أقضي بكل شيء، فلا أجد معاونًا أو ثلةً تندفع إليّ حين آمرها لنجدة إخوان لها؟ أو لا أسمعُ أحدًا يصرخُ بي أخطأت يا عمر! ما بالكم اندفعتم لأجل هذه الدراهم التي لا تساوي ذرةً من جهاد! أي قيمة لهذا النوم والأكل الكثير؟ هناك وراء الصحارى جموعٌ محبوسة ويتامى ومساكين·· متى تنقذونهم؟