كتاب " نوافذ على شرفة الروح " ، تأليف د. أحمد عبد الملك ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب نوافذ على شرفة الروح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
نوافذ على شرفة الروح
نافذة 7
لم أُفلحُ في أَنْ أَكسبَ ثقة والدي كما خَطْطَت!. ولا هو كسبَ حبي وصداقتي كما أَراد!. كبرتُ دون رأَي... وتزوجتُ دون رأَي... وعملتُ دون رأَي... وسكنت ُفي بيت دون رأَي... وأَصبحتُ أَباً دون رأَي.
لقد تخرّجتُ من الجامعة... وعملتُ في عمل أُحبه... وتزوجتُ بناءً على اقتراح الأَهل دونَ رغبةٍ مني لشعوري بأَنني ما زلتُ أُريد كسبَ خِبرة من الحياة. وفي غفلة من الزمن أَصبحتُ أَباً لثلاثة أَبناء وبنت. لا أَعرفُ كيف أَتحمّل مسؤوليةِ الأَبناء ولا إِدارةِ المنزل... بل وتَعللتُ بالسكن في بيت والدي كيلا أَتحملَّ مسؤولية المنزل، لعلمي بأَنها هامة ومُعقدة، وأَنا غيرُ مُستعدٍ لذلك قدْرَ استعدادي لرحلاتي وسفراتي وقضاءِ جزءٍ من الليل مع مباريات الدوري الإنجليزي والفرنسي والإسباني. اتخذْتُ من منزل والدي "فندقاً " أَنامُ فيه... وأَتناولُ طعامي الجاهز فيه... وتُغسل وتُكوى ملابسي فيه. وفيه أَجدُ الظلَ الظليل والـسريرَ النظيف والأكلَ الجيد؟! وليست عَليَّ أَية مسؤولية سوى التدخين ومتابعة كُرة القدم عبر الشاشة.
كبرتُ لا أَعلم نظرياتٍ كثيرة في الحياة. وسَيطرتْ عليّ النظرية "الاستهلاكية"، فأَصبحتُ لا أَحفلُ بكل ما يحتاجهُ المنزل من صيانة... أَو تبديلِ أَجهزة... أَو العنايةِ بالحديقة أَو معالجةِ تـسرُّبِ المياه أَو عطلِ فرن الطبخ، ولا حتى بموعدِ وصول فواتير حمّام السباحة!. أّي أَنني فعلياً منفصلٌ عن المنزل وساكنيه، ولا يربطني معهم إِلاّ اسمي فقط. كما أَنَّ رأيي هو الفاعلُ فيما يتعلق بحياتي الخاصة، حيث عوّدتُ الجميعَ على أَلاّ يقتربوا مني... سواء قررَتُ النوم خارج المنزل أَو السفرَ في رحلة شبابية أَو الخروجَ في رحلة بحرية أَو حتى عدمِ الذهاب إلى العمل.
أَشعرُ بأَنه لا رأَي لي فيما يدور حولي بين أَفراد العائلة من حوارات، وأَشعرُ أَيضاً بأَنَّ رأَيي غيرُ صائبٍ وغيرُ حكيم كلما ناقشَ الأُهل قضية من القضايا، لأَنَّ خبرتي وتراكُمَ ثقافتي لا يؤهلاني لذلك. بالطبع ليس في تلك القضايا ما يُهمني من أَهداف (ميـسي) ولا آخر أُغنيات (راشد الماجد) ولا حتي صورِ (التفحيط) في الشوارع الخلفية والتي لا يُهمني لو كَسرتُ جزءَ سيارتي الأَمامي أَو الخلفي في لقطةٍ استعراضية فوق الرمال.. المهم أَنْ يضحكَ (الربعُ) ويتخذون ذلك قصةً لسهرة الليل.
أَشعرُ بفجوة كبيرة بين تفكيري وتفكير أَهلي، رغم أَنَّ والدي ووالدتي من غزيري الثقافة والحضور الاجتماعي، بعكسي تماماً، حيث أَمقتُ الأماكنَ العامة والواجباتِ الاجتماعية ومقابلةَ شخصياتٍ لا أَعرفُها.
أَعيشُ لوحدي في عالم افتراضي مُتوحّدٍ مع ذاته، لا أَدري إِلى أَين أَسير؟. وكيف سيكون عليه غدي؟. وكيف سيكون عليه أَولادي؟ لأنني لم أَعرف شيئاً أُسمهُ التخطيط للغد!.