كتاب "علي فودة..
قراءة كتاب علي فودة.. شاعر الثورة والحياة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
شاعر الرفض والتمرُّد...والثورة والحياة
نضال القاسم*
كان لبروز حركة المقاومة الفلسطينية، وللمناخ السياسي الذي كان سائداً أواسط الستينيات من القرن الماضي تأثيرٌ كبيرٌ على الحالة النفسية والفكرية للشاعر على فودة؛ فحملت قصائد مجموعته الأولى ملامح الهوية الفلسطينية المطاردة كشراعٍ في مهب الريح العاتية، وقد أشار أغلب النقاد في تلك الفترة إلى أن ديوان «فلسطيني كحد السيف»، دار عويدات، بيروت، 1969 ينتمى إلى أدب المقاومة الذي ازدهر في تلك الحقبة، متقاطعاً مع نضالات المقهورين في مختلف أرجاء المعمورة، ضد المحتلين والمستغلين أينما وجدوا برؤية أممية إنسانية واجتماعية، وهو ديوانٌ يغلب عليه النمط الحكائي، واستخدام المصطلحات التي تعبّر عن مكوّنات تفكير الإنسان الفلسطيني، وتتخلله أسماء الشهداء والأماكن، ومن الأمثلة على ذلك قوله في قصيدة «فلسطيني كحدّ السيف»، وهي الأولى في الديوان:
«فلسطيني
فلسطيني كحدّ السيف كالمنجل
أصولُ، أجولُ، لا أسأل
ومثل الشمس قد أرحل
لدنيا الغرب.. للأجداد والمنهل
وأصرخُ في الوجودِ أنا
فلسطيني ...فلسطيني
أقولُ أقولُ لا أخجل» (عواء الذئب، قصيدة: فلسطيني كحدّ السيف، ص15).
بعد ذلك انضمّ علي فودة إلى رابطة الكتاب الأردنيين منذ تأسيسها عام 1973، وأصدر في تلك المرحلة مجموعته الشعرية الثانية «قصائد من عيون امرأة، بيروت، دار عويدات، 1973»، وفي عام 1974صدرت مجموعته الشعرية الثالثة «منشورات سرّية للعشب، دار عويدات، بيروت، 1974»، بعد ذلك غادر الأردن متجهاً إلى الكويت التي مكث فيها فترة قصيرة، مُنتقلاً إلى بغداد ليعمل في إذاعة فلسطين، لسان حال تنظيم «فتح – المجلس الثوري» بزعامة صبري البنَّا «أبو نضال»، قبل أن يستقرّ به المقام أخيراً في بيروت، التي كانت محطته الأخيرة، حيث أصدر في هذه المرحلة ديوانه الرابع «عواء الذئب، منشورات فلسطين الثورة، الإعلام الموحد،1977»، وأصدر كذلك روايته الأولى «الفلسطيني الطيّب، دار ابن خلدون، بيروت، 1979»، وصدر له أيضاً في هذه المرحلة ديوان «الغجري، دار عويدات، بيروت، 1981» وهو ديوانه الشعري الخامس والأخير.
وفي آب 1982 وإثر انفجار قذيفة إسرائيلية بالقرب منه في عين المريسة، استُشهِدَ الشاعر علي فودة بقذيفةٍ وهو يوزع جريدته اليومية «الرصيف» على المقاتلين أثناء الحصار، وأغمضَ العصفورُ المهاجرُ عينيه بعدما ملأ الدنيا صدحاً وغناءً وشعراً وحبّاً. أغمض عينيه ثم أسلم جناحيه للرياح العالية؛ لكي تحمله إلى حيث تطيرُ العصافير ولا تعود إلى أرضنا أبداً. وفي عام 1983، أي بعد عام على استشهاده، أصدرت دار ابن خلدون في بيروت روايته الثانية «أعواد المشانق».