أنت هنا

قراءة كتاب شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

كتاب " شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي " ، تأليف ياسر ثابت ، والذي صدر عن دار التنوير للنشر والتوزيع (مصر) .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 3

خلفَ السّتار

«لا عذر للمنتحر في انتحاره مهما امتلأ قلبه بالهمّ ونفسه بالأسى، ومهما ألمَّت به كوارث الدهر، وأزِمَت به أزمات العيش، فإنّ ما قَدِمَ عليه أشدُّ ممّا فرّ منه، وما خسره أضعافُ ما كسبه»(1).

الانتحار، شهقة اليأس، والفعل الوحيد الذي يصبح الفاعل بعده جزءًا من الماضي.

وعلى حافّة الحياة، يرغب بعضهم في خلاصٍ يوقف دبيب جيوش الألم، وراحة وقتيّة قد تفتح باب عذاباتٍ أبديّة.

إنّها اللحظة التي يبدو فيها كلُّ شيء خاليـًا من المعنى والأساس والمبرّر، ويجتاح الأيام عقمٌ مطلق، بالنسبة لشخص عاجز عن الاستقرار أو الاستمرار، فيتأهب لمواجهة هاوية أخرى لا تنضب.

رسائل خلاص لن تصل، ونهايات يظنّ أصحابها أنّها فعل اختيار، ويرى كثيرون أنّها جناية على الروح التي نُؤتمن عليها.

والانتحار ـ بدايةً ـ معناه أن يُقدِم الفرد على قتل نفسه عمدًا وذاتيًّا، لأسباب مختلفة منها النفسيّ. أغلب القواميس أيضًا تضع ملحوظة الحاسّة المستعارة «الرغبة التدميريّة للذات».(2)

ويقدم كارل مننغر Menninger تعريفـًا للانتحار يهتمّ فيه بالنصّ على اختيار الوسيلة لما في ذلك من دلالة في التحليل النفسيّ، فالانتحار عنده «فعل قتل الإنسان نفسه بالطريقة التي يختارها، سواء كان الموت الناتج عاجلًا أو آجلًا»(3). أمّا شارل بلوندل Blondel (1932) ودلما Delmas إلى أنّ الانتحار «هو الفعل الذي يصدر عن إنسان يفضل الموت عن وعي، وبرغم قدرته على اختيار الحياة، دونما ضرورة أخلاقيّة»(4).

ويقرّر الباحث المصري مكرم سمعان أنّ «السلوك الانتحاريّ هو سلسلة الأفعال التي يقوم بها الفرد محاولًا تدمير حياته بنفسه دونما تحريضٍ من آخرَ أو تضحية لقيمةٍ اجتماعيّة ما»(5).

وفي اللّغة العربية، يفيد الانتحار معنى قتل النفس، فالكلمة مشتقة من «نَحَرَ» أي: ذبح وقتل، وفي معاجم اللغة العربيّة، نجد أنّه «انْتَحر الرجلُ أي نَحَر نفسه»(6).

جلُّ تفسيرات الانتحار في البداية كانت خرافيّة، بعيدة كلّ البُعد عن النظريات العلمية، بل كانت تفسيراتٍ خياليةً يعتريها الغموضُ والسطحيّة، مصحوبةً بقصص الجنّ والعفاريت، مدعمةً بدلائلَ مشبعة بقوة الشعائر والطقوس الدينيّة(7).

ظلّت هذه النزعة الدينيّة والخرافيّة سائدة إلى أن حلّت مجموعة من النظريّات والتفسيرات العلميّة.

الصفحات