أنت هنا

قراءة كتاب شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

كتاب " شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي " ، تأليف ياسر ثابت ، والذي صدر عن دار التنوير للنشر والتوزيع (مصر) .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 9

والشاهد أنّ الأزماتِ الاقتصاديّةَ تؤثّر تأثيرًا بالغـًا على الميل إلى الانتحار. فحينَ انفجرتِ الأزمة الماليّة في فيينا عام 1873، وبلغت ذروتها عام 1874، ارتفع عدد جرائم الانتحار على الفور من 141 انتحارًا عام 1872 إلى 153 عام 1873، ثم إلى 216 عام 1874، بزيادة قدرُها 51% بالقياس إلى عام 1872، و41% بالقياس إلى عام 1873. وفي أثناء الانهيار الماليّ في بورصة باريس خلال شتاء عام 1882، بلغ متوسط الزيادة السنويّة لجرائم الانتحار 7% مقابل 2% في السنوات الثماني السّابقة(36).

وفي دراسة أجرتها وزارة الصّحة الأمريكيّة عن العَلاقة بين حالات الكساد والإقدام على الانتحار في الولايات المتّحِدة خلال الفترة من 1928 - 2007 ، يمكن رصدُ الكثير من النقاط المُهمّة. في هذه الدراسة التي تُعدّ الأولى من نوعها التي تحلّل العَلاقة بين حالات الكساد وحالات الانتحار حسب التوزيع العمري للمنتحرين، إضافة إلى تحليل العَلاقة بين حالات الدورات الاقتصاديّة وحالات الانتحار، كما أنّها غطّت أطول فترة زمنيّة تناولتها دراسة في هذا المجال، حيث غطّت 80 عامـًا، وأوسع مجموعات عمريّة للمنتحرين.

توصّلت هذه الدراسة إلى أنّ هناك عَلاقةَ ارتباطٍ قويّةً بين الدورات الاقتصاديّة والإقدام على الكساد. فقد وُجد أنّ عَلاقة الارتباط الأقوى تُوجد بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 و65 عامـًا. كذلك أوضحت نتائج الدراسة أنّ معدلات الانتحار ارتفعت بشكل عامّ خلال الكساد الكبير (1929-1933)، ويُعدّ معدل النمو خلال السنوات الأربع التي مرّ بها الاقتصادُ الأمريكيُّ في الكساد الكبير والذي بلغ 22.8 في المائة هو أكبر معدلات النمو في حالات الانتحار في التاريخ الأمريكيّ. كذلك ارتفعت معدلات الانتحار خلال الفترة (1937- 1938)، وخلال أزمة ارتفاع أسعار النفط (1973-1975)، وخلال الكساد المزدوج في الفترة (1980-1982).

من ناحية أخرى، انخفضت حالات الانتحار خلال فترة التوسّع الاقتصاديّ بين 1939-1945، وكذلك خلال أطول فترات التوسّع التي مرّت على الولايات المُتّحدة 1991-2001 في القرن العشرين، حيث تمتّع الاقتصاد الأمريكيّ بمعدلات نمو مرتفعة ومعدلات بطالة منخفضة، وتشير نتائج الدراسة إلى أنّ أكبر زيادة في حالات الانتحار في الولايات المُتّحدة حدثت خلال الكساد العالميّ الكبير (1929-1933)، حيث ارتفعت معدلات الانتحار من 18 حالةً لكل 100 ألف نسمة في 1928 إلى 22.1 لكل 100 ألف نسمة في 1933، بينما انخفضت معدلات الانتحار إلى أقلّ مستوياتها التاريخيّة في عام 2000.

بشكل عامّ، أشارت الدراسة إلى أنّ حالاتِ الانتحار انخفضت خلال الفترات التي كان أداءُ الاقتصاد الأمريكيّ فيها جيدًّا، فبانتهاء الكساد العالميّ الكبير مالت معدلات الانتحار نحو الانخفاض، بينما حدث ارتفاعٌ في تلك المعدّلات مرّةً أخرى خلال فترات الضغط الاقتصاديّ، أي أنّ المشكلاتِ الاقتصاديّةَ التي يتعرّض لها الاقتصاد تؤثّر في شعور الأفراد نحو أنفسهم وحول مستقبلهم وعَلاقاتهم داخل الأُسرة ومع الأصدقاء، ففي عام 2007، قبل الأزمة الماليّة مباشرةً، انخفض معدّل الانتحار في الولايات المتّحدة إلى 11.2 لكل 100 ألف نسمة، حيث أقدَمَ 34598 شخصـًا على الانتحار(37).

ويُعدّ الفشل الماليّ كالفشل في سداد الالتزامات الماليّة أو التّعرُّض للخسائر، أو الفشل العاطفيّ، أو الفشل الدراسيّ، أو الفشل الاجتماعيّ، أو الفشل المهنيّ كتأمين وظيفة كريمة والمحافظة عليها، أحدَ الأسباب الرئيس\ة المؤدِّية للانتحار. وقد أظهرت الدراسات الدُّوليّة أنّ 60 % من حالات الانتحار كانت بسبب الفشل.

ويُعتبر الشعور بالذّنب أو الوَحدة سببًا رئيسًا في الانتحار وهو الشعور بالذنب والرغبة في عقاب الذّات، أو الشعور بالوَحدة والاعتقاد بأنّ العالم لا يفهمه ولا أحدَ يشعرُ به، وبسبب عدم القدرة على توجيه العقاب للآخرين فيوجه العقوبة إلى ذاته. وتكثُر هذه الحالة عند المراهقين وغير الناضجين فكريًّا أو المضطربين نفسيًّا.

الصفحات