كتاب " الموروث وصناعة الرواية " ، تأليف د.
قراءة كتاب الموروث وصناعة الرواية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
النوع الأول: اجتياز حدود المكان الجغرافي
وقد تم ذلك بتجاوز الحدود الجغرافية للأوطان ذات الصبغة السياسية، على أساس تضمين الأحداث السياسية التي حلت بالعالم العربي في الأعمال الروائية دون تحديد لوطن واحد، واستلهام أمكنة روائية لا تخضع للجغرافيا السياسية الحديثة، وقد كان الروائيون العرب متأثرين بتجسيد ذلك الجانب وفاعلين في إنتاج أعمال تستلهم هذا الاجتياز وتؤمن بقضيته، وكان الروائيون السعوديون- على سبيل المثال - ميالين إلى تفعيل اجتياز حدود المكان الجغرافي، فالقاهرة تتجلى بوصفها المكان الروائي في رواية «شقة الحرية» التي كتبها الأديب غازي القصيبي، وتخضع ثقافات شخصياتهم وتوجهاتهم لهموم قومية عربية، إذ يراهن البطل والراوي فؤاد على القومية والأحزاب ودورها في الأمة، ومثله ماجد ويعقوب اللذان ينتميان إلى أحزاب قومية، وفي أعمال تالية حاولت الرواية السعودية أن تخرج من الإطار الذي رسمه القصيبي إلى تفاعل أكبر مع هموم العرب وقضاياهم، ولاسيما ما يتصل بقضية احتلال العراق، ومن ذلك ما كتبته الروائية السعودية نسرين غندورة التي تصف بغداد في كونها «لا ترى فرقًا بين طاغية ومستعمر، الأول يجلدها لتركض إلى حيث يوجهها، والآخر يطلقها ولكنه يلف طوق مصالحه حول عنقها... لأن المجد لم يأت إلى بغداد بوصفه عابر سبيل...هذه الأرض تودع حضارة لتستقبل أخرى، واليوم تودع طاغية، وتستعد لتوديع مستعمر، ولا تعد الثاني بأكثر مما حظي به الأول».7 وفي السياق ذاته تكتب روائية أخرى عن سقوط بغداد بوصفه همًا أكبر من الهموم الشخصية التي تعاني منها فلا بد أن تعاني أولًا من الهم القومي:»سقطت بغداد... شعرت أن خيباتي الفردية صغيرة أمام خيبات الوطن... شعرت بالخزي أن أحزن لنفسي وبغداد من يحزن لها. أدركت أن قيمة الإنسان في قضيته، لذا عاهدت نفسي أن تكون قضيتي هي عروبتي، بعد أن كنت أنت قضيتي قررت أن أكون حرة في أوطاني فبيدي أن أكون حرة في مشاعري».8 وربما كانت روايات سعودية مثل: «خطوات على جبال اليمن» لسلطان القحطاني و«نباح» لعبده خال و«أنثى تشطر القبيلة» لإبراهيم شحبي من الروايات التي تتخذ من اليمن وهموم اليمنيين مكانًا ومحورًا للعملين، وهذا في الوقت ذاته تأكيد على تجسيد هم ثقافي مشترك.