كتاب " الموروث وصناعة الرواية " ، تأليف د.
قراءة كتاب الموروث وصناعة الرواية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
النوع الثالث: توظيف التراث وهيمنة النماذج التقليدية
وظف الروائيون التراث في الأعمال الروائية ولاسيما ما يتصل بالمرجعيات الأساسية في الثقافة العربية كالقرآن وألف ليلة وليلة ومقامات الهمذاني ومعلقة امرئ القيس.
ومن المهم الإشارة إلى دور الدين بوصفه القوة الفاعلة المؤثرة في تشكيل هوية العالم العربي كما أوضح ذلك بصورة معادية (أرنست رينان) و(اللورد كرومر)،12 إذ يلحّان على أهمية تفعيل العلاقات مع الحضارة الغربية حتى تتغير تلك الهوية وتنطمس، ولذا لايمكن تجاهل دور الدين الإسلامي بوصفه مكونًا فاعلًا في تشكيل الهوية للروائي العربي، ولو انتمى ذلك الروائي إلى دين مختلف كالمسيحية مثلًا، إذ يبدو أثر الإسلام دينًا والقرآن الكريم نصًا واضحًا في أدب جرجي زيدان وإدوار الخراط وغالب هلسا وغيرهم من الروائيين المسيحيين، ولا يقل أثر الدين في كتابات الروائيين الموصوفين بالعلمانية كنجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وغيرهما، فقد تعددت أعمال زيدان المتضمنة ملامح إسلامية بعضها في التاريخ الإسلامي، إذ يعيد كتابة تلك الأعمال بطريقة سردية، واهتم نجيب محفوظ بالدين، وبالصحوة الإسلامية وأثرها في تشكيل أمة واحدة إن أديرت بالطريقة المناسبة،13 ومما يذكر أن بعض الدارسين قد لاحظ وجود خصائص إسلامية متعددة في روايات محفوظ، في الوقت الذي يتهم محفوظ وغيره بابتعادهم عن الميزات الثقافية التقليدية.14
وفي محاضرة بالانجليزية في الولايات المتحدة الأمريكية أكدت الروائية اللبنانية حنان الشيخ ذلك التأثير الكبير للدين عليها، فهو المصدر الرئيس في حياتها، كما يبدو في اسم عائلتها (الشيخ)، وأسرتها وخلفيتها المعرفية التي تنتمي إلى الطائفة الشيعية، واعتبرت أنه من الصعوبة بمكان أن يوجد علماني في الشرق.15 ويتفق هذا المنظور للروائية مع ما أشار إليه إحسان عبدالقدوس الذي ظهر تأثير القرآن الكريم على كتابته –كما يشير هو- مع كونه يقرأ كثيرًا بلغات أخرى.16
ومن جانب آخر تأثرت أعمال روائية مثل «كتاب التجليات» لجمال الغيطاني و«طريق الحرير» لرجاء عالم و«حديث عيسى بن هشام» لمحمد المويلحي بالقرآن الكريم وورد فيها ملامح من القصص القرآني، وتجلت عناصر تراثية من كتاب «ألف ليلة وليلة» في «ليالي ألف ليلة» لنجيب محفوظ و«بدر زمانه» للمغربي مبارك ربيع و«المتشائل» لإميل حبيبي، أما «المقامات» للهمذاني فقد استلهمتها أعمال روائية مثل «المقامة الرملية» لهاشم غرايبة، و«مقامات عربية» لمحمد ناجي و«المقامة اللامية» لجمعة اللامي، كما وردت شظايا من معلقة امرئ القيس في «البكاء على الأطلال» لغالب هلسا.