كتاب " تواضعوا معشر الكتاب " ، تأليف عمرو منير دهب ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع <
أنت هنا
قراءة كتاب تواضعوا معشر الكتاب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ضحايا سيبويه
حين دبّج الهندي "قوبال" خطاباً "أكسفورديّاً" ردّاً على الإنجليزي "فردريك" في معرض جدال فني حول فلسفة معايرة بعض الأجهزة الإلكترونية، بدا أن قوبال لم يألُ جهداً في تعقّب المترادفات التي تمُتّ بصلة للموضوع في قاموس أكسفورد ليختار أكثرها غرابة ويحشو به الرسالة، أما فردريك (وهو المدير العام في إحدى الشركات التابعة للإدارة المركزية التي يعمل بها قوبال) فلم يكن من أمره عندما فرغ من قراءة الرسالة سوى أن قام بتثبيتها على اللوحة البيضاء في باحة الشركة بعد أن كتب عليها التعليق التالي ممهوراً بتوقيعه: "مَن يترجم لي هذا؟".
أسوأ ما في الأمر حين تحاول أن تبدو ملكياً أكثر من الملك أن الأخير سيسخر منك ويجرّ الآخرين معه (وربما يسبقونه) إلى السخرية. ما الذي كسبه قوبال من وراء عنترياته الإنجليزية لغوياً أمام ابن بجدتها فردريك سوى فوزه بلقب "ربيب الإنجليزية المُعقّد"؟.
الأدعى إلى السخرية كان "راجيف" الذي حاول أن يبدو ملكياً أكثر من قوبال نفسه حين نبّهتُه إلى أهمية الردّ على "كولن" (وهو زميل أسترالي) ردّاً بسيطاً في رسالة إلكترونية، وقلت له من أجل طمأنته وحثه على استيعاب بلاغة البساطة: "ألا ترى رسالة كولن إليك كم هي بسيطة؟.. إنه لا يعبأ حتى بمراجعة الأخطاء الإملائية"، فردّ راجيف بما يفيد بأن في سلاسة تعابير كولن ما يكفي لتميّز رسالته، وهو ما يفيد ضمناً بأن عُرف قوبال وراجيف وأمثالهما من رُبَباء الإنجليزية ينص على أنه إذا فاتك تميُّز السلاسة في الكتابة بالإنجليزية فاعمد إلى تميّز التعقيد الذي لا يُكلِّف سوى الغوص في قاموس أكسفورد وغيره من التوابع الإلكترونية الحديثة بحثاً عن الأكثر شذوذاً من المترادفات.
وكان "كيفين" الأمريكي يقرأ خطابات زميله "خليل" (الموجّهة إليه من ربيب إنجليزية عربـي الأصل هذه المرة، ولكن على ذات الشاكلة من العقد الهندية) ويقهقه: "ضحية اللغة الإنجليزية!".