قراءة كتاب تواضعوا معشر الكتاب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تواضعوا معشر الكتاب

تواضعوا معشر الكتاب

كتاب " تواضعوا معشر الكتاب " ، تأليف عمرو منير دهب ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع <

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 6

مهنة أرجل من الكتابة

إذا كنا قد تحفظنا في مقام قريب على الإجابة صراحة على السؤال: "كم يقبض المنظّر مقابل ما يقبضه نظيره العامل في حقل التقنية أيّاً ما كان مجال ذلك الحقل وأيّاً ما كان موقعه فيه؟"، وكان بعض أسباب التحفظ يتعلّق بحفظ ماء وجه المنظرين من أمثالنا، فإن كثيرين- لا تعنيهم وجوه المنظرين ومياهها- على استعداد لأن يتبرّعوا بالإجابة شافية وافية حال أن تتبادر إلى مسامعهم أطراف السؤال.

الحاجّة سعاد والدة أحد أصدقائنا الكرام من أولئك الكثيرين لا ريب، وكان ذلك الصديق قد نوى مبكّراً أيام الدراسة الجامعية أن يتزوّج وصرّح لأمّه بذلك طلباً للعون (المادّي بالتأكيد)، ولم يتطلّب الأمر من الأم المحنَّكة سوى ثواني معدودة لكي تبدّد الفكرة (مرحليّاً) من ذهن ابنها الولهان حين عاجلته بالردّ: "لمّن تبقى قدر العرس عَرِّس". لم يكن مقصد الحاجة سعاد أن فلذة كبدها ذاك لم يبلغ حينها مبلغ الرجال جسديّاً، فقد كان الولد أيامها تحيط بحَنكه "سكسوكة" تتزحلق على مدارها الصقور، كان مبلغ الرجال "جيبيّاً" هو ما تعنيه الحاجّة التي عركتها الحياة، والنساء على أية حال لسن بحاجة إلى معركة طويلة مع الحياة كي يدركن أهمية مبلغ الرجال "الجيبـي" ذاك.

نشير كذلك من باب الأمانة في النقل والاستقراء إلى أنه لم يكن مقصد الحاجّة سعاد أن يُكمل ابنها دراسته الجامعية ويتّخذ مهنة بعينها تدرّ عليه مالاً وفيراً يعين على إتمام مراسم زواج أسطورية، فما كانت تعنيه على الأرجح أية مهنة تدرّ مالاً كفيلاً بأن يجعل ابنها ينهض وحده بأثقال الزواج المادية دون الحاجة إلى عون أبويه أو أي موسِر في محيط الأقربين.

تخرّجنا وتباينت حظوظنا في العمل سعة وضيقاً ثم تباينت تبعاً لذلك في الزواج تبكيراً وتأخيراً، وبتجاوز تعريفات المرحلة الجامعية وأحلامها (إضافة إلى الفروق الفردية لكلٍّ مِنا) فإن المهن الأكثر تألقاً كانت تلك التي أعانت أصحابها على زواج مبكّر وحياة ميسّرة بعد ذلك (من الناحية المادية على الأقل).

الصفحات