كتاب " خطاب الصورة الدرامية " ، تأليف حسن عبود النخلة ، والذي صدر عن منشورات الضفاف ل
أنت هنا
قراءة كتاب خطاب الصورة الدرامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ومما هو لافت للنظر وما يؤكد لنا هذا الخطاب السطحي المبتذل للجسد في المرحلة (الطقسية الديونيزوسية الاولى) اي مرحلة الخطاب الحركي- ان هذا الخطاب ارتبط بغاية غرائزية صرفة. انطلاقا من المبدأ الديونيزوسي الذي ارتسم هذا الطريق لأتباعه، فعلى الإنسان ((ان يتسامى عن الآم الوجود بالنشوة، وان لا يثق بقدرة العقل على اختراق أسرار الكون والالهة))[4]
وعليه كان لابد من إذابة العقل وإلغاء دوره تماماً وبشكل شمولي التأثير، وهذا ما جعل المحتفلين بديونيزوس ((يعبون الخمر بكميات كبيرة. وهنا يبدو احدهم وكانه قد خرج عن طوره، وبلغ حدا من النشوة اصبح معها مستعداً لاي تصرف غير معتاد. (..)ان حالة الانتشاء الهستيري لاتقف عند حدود المساهمين في الاحتفال، بل تشمل جمهور المشاهدين ايضا))[5]
لكن وكما أسلفنا بأن هذا الخطاب في مرحلته الاولى وبعد دخوله الحيز التدويني، اي بعد ان اصبح خطاب الجسد خطاباً مكتوباً من خلال ما حفظته لنا ذاكرة التاريخ من مسرحيات يونانية فإنه دخل الى مرحلة الوعي والخصوصية من خلال بروز الجانب الفكري التأملي، واستشعار الانسان لموقفه الحقيقي من الالهة، ومن المجتمع ومما يفرضه المتطور الحياتي عليه، فراح يطلق التعبير عما يؤكد نظرته الخاصة، وهي حصيلة تجربته الحياتية وموقفه من المجتمع. وبعد ان كان الإنسان وبحسب المقتضى الديني (الديونيزوسي) ممنوعاً من الانطلاق بأفكاره، وعليه دائما أن ينسى آلامه ويعالج مشكلاته بتغليب النشوة والانطلاق بها الى أقصى آفاقها، فأن تمتع الإنسان بالإفادة من الفكر جعل خطاب الصورة الجسدية بوصفه جزءاً من منظومة الدلالات الأخرى التي يحملها النص المسرحي، علامة واضحة على رقي الخطاب الانساني وتعدد اشكاله وغاياته، وعلى نـزعته الانسانية التي تمثل موقف الإنسان وصوته المعبر عن مطالبه ومعاناة التأسيس لخطاب إنساني خاص يمثل صوت الإنسان وموقفه، ويكشف عن مطالبه ومعاناته.