كتاب " من الحطب الى الذهب " ، تأليف د.
قراءة كتاب من الحطب الى الذهب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وانتشر الأولاد في الوادي.. وانتهز الوالدان فرصة غفلة الأولاد فانسلوا وعادوا إلى منـزلهم وأشبع الأولاد فضولهم وأشبعوا رغبتهم في العبث واللعب.. ثم عادوا يبحثون عن والديهم.. فلم يجدوهما.. وصوبوا وبحثوا يمينا وشمالا فلم يعثروا لهما على أثر..
وبكى الإخوة الكبار.. وأحسوا بالخطر الذي يهدد حياتهم.. وأيقنوا بالهلاك.. ولكن صفيرا قال لأخويه على رسلكم.. وعلام تبكون.. فقالا نبكي خوفا من الهلاك. فقال وماذا تريدان.. فقالا نريد العودة إلى بلدنا وإلى والدينا..
فقال وكيف تريدون من لا يريدكم.. فقالا إن والدتنا تريدنا.. وأما والدنا فهو ملزم برعايتنا حتى نبلغ مبلغ الرجال فقال صفير إذا كان الأمر كذلك فكفوا عن البكاء وهيا معي اتبعوني وسوف أدلكم على بلدكم وأهلكم..
ومشى الأولاد الثلاثة وفي مقدمتهم صفير.. الذي صار يتتبع تلك الأحجار البيضاء ويمشي في اتجاهها حتى أوصلته إلى البلد..
وسار الإخوة حتى وقفوا عند باب دارهم وجعلوا ينظرون من شقوق الباب من بداخل الدار ويستمعون ما يدور من حديث بين والدهم ووالدتهم
رأوا أن والديهم يأكلون ويتحدثون.. وسمعوا أمهم تقول لأبيهم.. ياليت أولادنا معنا.. إذا لأكلوا وشربوا.. ومرحوا.. وملؤوا البيت بهجة وفرحا ومرحا.. وقد كنت قلت لك لا تيأس فإن مع العسر يسرا وبعد الضيق الفرج.!!
وصاح الأولاد من خلف الباب ها نحن ياأماه قد عدنا إليكم فافتحوا لنا الباب.. وقامت أمهم مسرعة وفتحت لهم الباب... وعانقت كل واحد منهم وهي تبكي أحر البكاء ودموعها تتساقط من عينيها وقدمت لهم والدتهم طعاما فأكلوا وشربوا وفرحوا ولعبوا..
ثم ضاقت بالوالدين المعيشة.. وأقلقهم الجوع.. وملّوا حتى من أنفسهم..
وقال الوالد أننا سوف نتخلص من الأولاد فليس في إمكاننا أن نقيت أنفسنا ونقيتهم.. فبكت الأم وقالت اتركهم عندنا فرزقهم على الله وأنا مستعدة أن أترك نصيبـي من الطعام لهم.. فقال الأب وإذا تركت طعاما لأولادك عرضت نفسك للمرض والموت.. وإذا مت شقيت أنا بالأولاد وحدي.. ولكن لابد أن نتخلص منهم.!!
لم تستطع المرأة أمام تصميم زوجها أن تقول شيئا.. وكان صفير يسمع هذا الكلام فعزم على أن يعد للأمر عدته.. وأن يهيئ وسائل الخلاص كما هيأها في المرّة السابقة..
لكن والدهم طلب منهم أن يستعدوا حالا للمسير ولم يجد صفير مجالا لأي عمل وسارت القافلة الصغيرة متجهة إلى ذلك الوادي.. الوالد في المقدمة والأم في الوسط وصفير الولد الصغير في المؤخرة..
وكانت الوالدة قد أعطت كلّ واحد من أولادها كسرة خبز ليأكلها.. ويتقوى بها في مسيره إلى الوادي فأما الأولاد الكبار فأكلوا نصيبهم من الخبز وأما صفير فإنه لم يأكلها بل قطعها قطعا صغيرة..
وصار يرميها شيئا فشيئا في منعطفات الطريق وفي مجاهله.. لتكون دليلا لهم في العودة.. وعلامات يهتدون بها.!!
وصلت القافلة إلى ذلك الوادي.. وتعمق الوالد في الوادي أكثر من المرة السابقة.. وذلك ليضمن عدم عودتهم وعندما وصلوا إلى مكان في الوادي سحيق توقف سير القافلة.. وتشاغل الوالدان أو تظاهرا بأنهما يعملان غداء للجميع..
وعندما انشغل الأولاد باللهو واللعب.. انسل الوالدان من عندهم.. وعادوا إلى البلد.. وجاء الأطفال إلى مكان والديهم فلم يجدوا لهم أثرا.. وبكى الإخوة الكبار.. ولكن صفيرا قال لهم لا تبكوا فالبكاء لا يجديكم ولا يطعمكم.. وإنما عليكم أن تتبعوني. وسوف أوصلكم إلى البلد في هذه المرة كما أوصلتكم إياها في المرة السابقة.!!
وسكت الإخوة وسار صفير في الطريق الذي رسمه وسار خلفه إخوته الكبار.. ونظر صفير.. وبحث عن فتات الخبز التي ألقاها لتكون معالم للطريق.. ولكنه لم يجدها..
لقد جاءت بعده الطيور والعصافير فأكلت فتات الخبز الذي كان ألقاه.. وبقى الطريق بلا رسوم ولا علامات تدل عليه ودار صفير عدة دورات وحاول أن يسير إلى البلد.. ولكن هيهات لقد انفلت الخيط من يده.. وأمسى بلا دليل.. ولا علم له ولا خبرة بتلك المجاهل..
أخبر صفير إخوانه بأنه أضاع الطريق وأنه لا أمل لهم في العودة إلى البلد.. فبكى الإخوة جميعا ومن جملتهم صفير ثم عادوا أدراجهم إلى الوادي فهو أحسن لهم من الصحراء القاحلة.. لأنهم سيجدون فيه صيدا وسيجدون فيه حطبا.. وسيجدون فيه أعشابا يأكلونها..
وعاد الإخوة الثلاثة إلى الوادي يهيمون فيه.. ويستظلون بأشجاره نهارا.. ويتقون بها الرياح ليلا..