أنت هنا

قراءة كتاب مناهج النقد الأدبي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مناهج النقد الأدبي

مناهج النقد الأدبي

كتاب " مناهج النقد الأدبي " ، تأليف صالح زامل ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة الكتا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 8

وعلى الرغم من أن العقدين السابقين (السبعينات والثمانينات) لم يتبدل فيهما راهننا كثيراً لكن توجد آنذاك رغبة غربية في تصدير هذه الحداثة، لذا هناك رؤية ترى أن هذه الحداثة بالصورة التي وفدت إلينا لا يمكن أن تكون جزءاً من بنية فوقية لهذا الراهن، ثم أن مجتمعات رصنت بنيانها على مدى سنوات طويلة باعتبارها قوى مؤثرة ومنتجة للحضارة كالبلدان الأوربية تقف بخوف أمام ظاهرة مثل العولمة لأن الولايات المتحدة تتصدرها، فكيف نكون نحن الذين نعد مستهلكين لا منتجين للحضارة، ونحن لا نمتلك بنية اقتصادية- اجتماعية واضحة، وإنما مجتمعات مهجّنة، فلا هي اشتراكية كما أدعت منذ الخمسينات حتى أواخر السبعينات، ولا هي رأسمالية كما تتسابق اليوم نحو اقتصاد السوق، ولا نفهم أن تكون باقتصاد إسلامي، فهو غير واضح المعالم بالقياس للنظريات الاقتصادية الحديثة التي تصطرع في العالم لوقت قريب، فلا توجد لهذا الاقتصاد رؤية متكاملة وإنما هي أفكار بين الرأسمالية والاشتراكية، هذه البلبلة تخلق بنية مبلبلة، تنتقل هي الأخرى بين مبدعي النص، ونظرهم للنقد التي تصل إلى حد الاتهام والاحتقار للمنجز النقدي واتهامه من قبل بعض الكتاب بالمجانية والمحاباة والغباء[7].

لكن بلوغ درجة معقولة من التراكم في هذا النقد جعل العقل والثقافة يستشعران ضرورة تحليل هذا النشاط بوصفه نشاطاً له دلالته، لذا شهدت أواخر السبعينات ثم الثمانينات وما تلاها تحولاً مهماً في النقد العراقي، وإن كان هذا التحول بدأ بالاعتماد على المنجز الفردي بالتحول إلى النظرية والمفاهيم النقدية الحديثة التي استقبلت من الغرب.

وتعليل ذلك إذا قاربناه بالمنجز الغربـي الحداثي فلأن تطور النقد في أوربا ارتبط بتطور العلوم الإنسانية، فالمنظومة المعرفية الغربية وفي المقدمة منها الفلسفة اتصفت بطابع نقدي يتجه إلى فهم وتحليل آليات الإنتاج العقلي منذ أن استهل كانط اللحظة الحداثية فلسفياً لفلسفته النقدية[8].

لقد وضع الفرد في المنجز الحداثي الغربـي بمقابل الجماعة، والإبداع بمقابل التقليد، وكان تركيز الحداثة على الفردية بوصفها سمة لأسلوب الفنان، وتركيزها على الإبداعية بوصفها قدرة الخلق التي تتيح للفرد الانعتاق من التقليد، وتأتي من جهة كونهما معيارين هامين في أوربا، ومن هنا احتل النقد المكانة الهامة التي وضع فيها، لأن النقد هو الذي يكشف عن وجود هاتين السمتين (الفردية) و(الإبداعية) أو غيابهما، وفي ضوئهما تتحدد أهمية العمل ومكانته، لقد نظرت الحداثة الغربية للعمل الفني بأنه العمل الذي يخلق القطيعة المطلقة مع ما يسبقه.

وفي العراق كان يفترض أن تظهر الحاجة إلى أن ننتج حداثتنا النقدية بالقوة نفسها التي عاد فيها الأدب العراقي (من خلال الشعر الحر) للحضور في العالم العربـي، إلا أن النقد لم يكن موازياً لحركة الشعر بقوة، وهذا الاقتحام الذي يمثله الشعر سيعود في الستينات، وهناك محاولات المبدعين في التجريب والتحديث والتطلع إلى الحداثة الأوربية من خلال جماعة كركوك، ومجلة شعر 69، ومجلة الكلمة، وترافق هذه التجارب التي ستصدر ببيانات من مقدمة نازك الملائكة المهمة لـ(شظايا ورماد) إلى بيانات الشعر في العقود التالية، ثم كانت هذه التجارب في هيئة تآليف سجالية في عقود لاحقة كـ(الموجة الصاخبة، لسامي مهدي)، و(الروح الحية، لفاضل العزاوي)، و(إنفرادات، لعبد القادر الجنابـي)، في حين انفرد منهم فوزي كريم بكتابات نقدية لم يكن انشغالها الستينات ولكنه لم يمنع نفسه من هذا الاغراء وسيؤلف في وقت تالٍ كتاباً يكون عنوانه (تهافت الستينيين).

الصفحات