أنت هنا

قراءة كتاب العلامة الشيخ صادق حبنكة الميداني - حياته , علمه , شعره -

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العلامة الشيخ صادق حبنكة الميداني - حياته , علمه , شعره -

العلامة الشيخ صادق حبنكة الميداني - حياته , علمه , شعره -

كتاب " العلامة الشيخ صادق حبنكة الميداني - حياته , علمه , شعره - " ، تأليف د.أحمد محمد سعيد السعدي  ، والذي صدر عن 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

صلاح والديه: 
وكان شـيخنا رحمه الله كثيراً ما يحدِّث عن صلاح والده، وقد قال لي في أكثر من مناسبة أنَّ عدداً من علماء الشّام الكبار كان يعتقدون فيه الولاية، ويحرصون على زيارته، وكان هو - الشـيخ مرزوق - صاحب دُعابةٍ، فيمازحهم ويسـرِّي عنهم، فكانوا يحجُّون إليه كلَّما ضاقت عليهم الدُّنيا.
وينقل الشـيخ عبد العزيز الخطيب في غرر الشام عن شـيخنا رحمه الله قوله: (عاش والدي 115سنة بوعيه الكامل لم يختلَّ له عضو، وكان رجلاً صالحاً مواظباً على دروس العلم مع الشـيخ إسماعيل الغنيمي، والشـيخ أمين سويد، وآخرين كانوا يحضـرون الدَّرس في جامع منجك بالميدان، كما حضـر دروس الشـيخ زين التّونسـي، وكان يصوم صيام داود لمدَّة 35 سنة لم يدر به أحد حتى زوجته ؛ لأنه يغادر صباحاً ولا يعود إلا عشاء فيأمرهم بوضع الطعام، وعرفوا ذلك قبيل وفاته) .
وقد حدَّثني الشـيخ رحمه الله عن صيام والده هذا، وأنّه أخبره بذلك قبيل وفاته حين عجز عن الصيام، فقال له الشـيخ: وما كنَّا نعلم بذلك، فقال له: أمُّك لا تعلم، فكيف بك أنت ؟!!  وقد كان الشـيخ يحدثني عن مواظبة والده على صلاة الجماعة، وحرصه عليها، بالإضافة إلى حضوره مجلس الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان إذا أذّن المؤذن ترك كلَّ شـيءٍ في يده وهرع إلى الصلاة، حتَّى إنّه يعتذر للزبون الذي يبايعه عن إتمام الصفقة، ويقول لهُ: إن شئت انتظرني حتّى أرجِع من الصلاة. وقد بقي ـ رحمه الله ـ سنوات يصلِّي إماماً في مسجد منجك ، ومِمَّا يُذْكَرُ مِنْ محاسِنِ أخلاقِهِ وتديُّنِهِ، أنَّهُ ما حلَفَ باللهِ قط، وكانَ يقولُ لِمُسْتحلِفِهِ: إن شئتَ صدِّق، وإن أبيتَ فذلِكَ شأنُكَ. وقد حجَّ الشـيخُ مرزوق ـ رحمه الله ـ في سنةِ 1945م، وكانَ للشـيخِ صادق رحمه الله سبعة وعشـرونَ عاماً إذ ذاك، كما أخبرني ابنُ الشـيخ. أمَّا والِدَتُهُ فقد كان حجُّها قبلَ ذلِكَ بِعشـر سنين، وكانَ الشـيخُ قد كتبَ مُرَحِّباً بِقُدُوم والدتِهِ من الحجِّ: 
غِبْتِ عَنْ عَيْني ولكِن

أنْتِ رَسْمٌ في فُؤادي

فاهْنئي فُزْتِ بِحَجٍّ

زُرْتِ طَهَ خَيْرَ هادي

زادتِ الأشْواقُ لَمَّا

قد قضـى اللهُ بِعادي

أظْلَمَ الجوُّ بِعَيْني

ونأى عَنِّي رُقادي

فأدامَ اللهُ أُمِّي

لي لأحظى في مُرادي

وعلى المُخْتَارِ صلَّى

معْ سلامٍ بِازْدِيْادِ

وقد أرَّخَها الشـيخُ ـ رحمه الله ـ بيوم الأحد 22 ذو الحجة سنة 1354هـ. وكانت كتابتها على أمل لقائه بها ـ رحِمَها الله ـ، لكِنَّها حِيْنَ أكرمها الله عزَّ وجلَّ بأن حجَّت مع ولدها الأكبر فضيلة الشـيخ حسن رحمه الله، كتب الله وفاتها في طريق عودتها من الحج، كما كان يقصُّ علينا شـيخنا رحمه الله. فقد مرضت وهي في الباخرة في طريق عودتها إلى الشام، واشتدَّ مرضها وخشـي الشـيخ حسن رحمه الله عليها كثيراً، وفي العشـية ظهر على الوالدة الرَّاحلة رحمها الله علاماتٌ للتحسن والاتجاه إلى الشفاء، وفرح بذلك الشـيخ كثيراً، إلا أنَّ الصَّباح آذن برحيلها عن الدار الدُّنيا، ولم يكن هناك وسـيلة إلا أن توضع رحمها الله بين خشبتين، ويوضع عليها ثقلٌ وتلقى في البحر. إذ كان الحال كذلك في تلك الأيام. وقد نظم العلامة الراحل الشـيخ حسن رحمه الله أبياتاً في رثائها يحكي طرفاً من هذه القصة: 
قدْ ذُقْتُ في شـرعِ الهوى ألَمَ النَّوى

وطويتُ ذكرى الظَّاعنينَ فما انطوى

علَّلْتُ نفسـي بالرَّجاءِ عَشـيةً

فإذا الصَّباحُ بِنارِ يأسٍ قدْ كوى

سئمَ الفؤادُ مِنَ الحياةِ وبُؤْسِها

والجِسْمُ من مَسِّ المصائبِ قد خوى

نَفِد التَّصبُّر بعْدَ طُوْلِ تحرُّقٍ

ففزِعْتُ للقُرآنِ ألْتَمِسُ الدَّوا

فوَجَدتُهُ يشفي الصُّدورَ فَمَنْ يرِد

آياتِهِ يَصْدُرْ بأوْفَرِ ما نوى

وهذا يعني أنَّ والِدة الشـيخ قد توفيت سنة 1354 هـ  ، الموافِق سنة 1935م، والله أعلم.

الصفحات