كتاب " العلامة الشيخ صادق حبنكة الميداني - حياته , علمه , شعره - " ، تأليف د.أحمد محمد سعيد السعدي ، والذي صدر عن
أنت هنا
قراءة كتاب العلامة الشيخ صادق حبنكة الميداني - حياته , علمه , شعره -
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
العلامة الشيخ صادق حبنكة الميداني - حياته , علمه , شعره -
الجوُّ العلميُّ الذي وُلِدَ فِيْهِ الشـيخ:
تقدَّم أنَّ الشـيخَ ـ رحمه الله ـ ولد في الرُّبْعِ الأوَّلِ من القرن العشـرين، أي بُعيد سقوط الخلافة العثمانية وأوائل زمن الاستعمار الأوروبي للبلاد الإسلامية. ومعلومٌ أنَّ الحالة العامة للمسلمين آنذاك كانت الجهل العام، وقد كانت الدولة العثمانية أواخر حياتها قد ابتعدت عن العلم والتعليم إلا ماكان من جهود عالم هنا أو مصلحٍ هناك.
غير أنَّ البشائر بعودة العلم كانت بفضل ما يقيِّضه الله في كلِّ عصـر لهذه الأمَّة من وارث نبويٍّ، يجدِّد عهدها بدينها، ويقوِّم اعوجاجَها، ويحيي في النفس نوازع الخير، وكوامن الفطرة، وكان من فضل الله على بلاد الشام أن ساق إليها في القرن الثَّاني عشـر عالماً مغربيَّ الأصل مصـريَّ الولادة، وهو الشـيخ يوسف المغربيّ ( ت 1279 ) رحمه الله تعالى، وقد هيّأ الله لأهل الشام من ابنه البار معجزة عصـره مجدِّداً يُدعى بالشـيخ بدر الدِّين الحسني رحمه الله تعالى ( ت 1354 هـ ) وهو صاحب النهضة العلميّة الحديثة في بلاد الشَّام.
وُلِدَ الشـيخُ بدر الدِّين الحسني رحمه الله في دمشق سنة 1267 هـ = 1851م في دارِ والِدِهِ قرب مدرسة دار الحديث الأشـرفية، وتوفي والده وهو ابن اثني عشـر عاماً فدرس في دار الحديثِ: الحديثَ، ثم درس على الشـيخ أبي الخير الخطيب بالمدرسة القلبقجيَّة بسوق الحرير قرب سوق الحميديَّة بدمشق الشام، وقد حفظ القرآن ومتون العلم المختلفة وكتب الحديث الستة وغيرها وهو حَدَث، وكان آية في الحفظ والرواية. ثمَّ إنه اعتزل النَّاس لمَّا كثُر حُسَّاده، وقد بقي في عزلته سبعة عشـر عاماً، درس فيها مختلف العلوم الشـرعيَّة لا سـيما علم الحديث، فأقبل النَّاس عليه يقصدونه من كلِّ حَدَبٍ وصوب ، وكان من تلامذة هذا العالم الكبير عددٌ من العلماء ورثوا منه العلم وتصدُّوا لتعليم النَّاس وإرشادهم، وكان من أشهرهم الشـيخ علي الدَّقر الذي كان واعظاً مؤثِّراً في جماهير أهل دمشق على اختلاف رتبهم. وكان قد نزل قحط في حوران وما يليها من بلاد الشام جنوب سوريا، ولجأ شباب تلك المنطقة إلى دمشق، ورأى الشـيخ عليٌّ الدَّقر رحمه الله أن يعلِّم هؤلاء النَّازحين علوم الإسلام، فنهضت جمعيَّة الغرَّاء بإشـرافه بتعليم هؤلاء الشُّبَّان أمور دينهم، وقد أنشئت لاحقاً مدرستان تابعتان لهذه الجمعيَّة هما: وقاية الأبناء، وسعادة الأبناء .
وقد أدرك الشـيخ صادِق أواخر حياة الشـيخ بدر الدِّين رحمهما الله، كما حضـر بعض دروسه منذ نعومة أظفاره ، وكان شـيخَ أخيه، وشـيخَ شـيخِهِ الشـيخ ِ محمود العطَّار رحمهم الله جميعاً، وقد كان للشـيخ حسن رحمه الله مكانة عظيمة عند الشـيخ بدر الدِّين كما عند غيره من شـيوخه كالشـيخ أمين سويد رحمه الله تعالى. وكان هؤلاء الشـيوخ قد قامت على أكتافهم بوادر النهضة الَّتي كان للشـيخ حسن حبنَّكة رحمه الله فضل كبير في توسـيعها في حيِّ الميدان وغيره من أحياء دمشق العريقة. وهكذا كان شـيخنا نتاج هذه المدرسة العلميَّة التي أرست معالم النَّهضة في بلاد الشَّام بدءاً بالمحدِّث الأكبر الشـيخ بدر الدِّين الحسني ووالده من قبله ومروراً بالشـيخ أمين سويد والشـيخ محمود العطَّار والشـيخ علي الدَّقر ووصولاً إلى سلطان العلماء في بلاد الشَّام فضيلة العلَّامة المرحوم الشـيخ حسن حبنّكة الميداني عليهم رحَماتُ الله.