تجمع الكاتبة العراقية الكردية ليلى جراغي في روايتها "الصدأ"، مكوّنات تتيح لها مقاربة مفهوم الهوية المتشظية كمقدمة لإرساء السلام الداخلي ووحدة الذات المتعددة، من خلال سبعة مشاهد تستعرض فيها الشخصيات مخاوفها وأحقادها المتراكمة وكيفية تسلسل استيطانها، عبر خيار
أنت هنا
قراءة كتاب الصدأ
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
ـ منذ يومين وهو يتشاجر معها ويحبسها في البيت ويقفل عليها الباب، ثم يغادر إلى عمله، بعد أن يهددها بالضرب والطلاق، لو فتحت فمها، وأخبرتكم بما كان يفعله بها ، إنه يريد أن يمنع عنها الناس، وحتى الهواء ليقتلها بأنانيته .... هكذا قالت لي المسكينة نهال : سوف أنتحر ، أو أقتله وهو نائم وأقتل نفسي ، فأنا لا أستطيع تركه لقلة حيلتي أمام قلبي ، ولن أتركه يعيش ليتزوج بامرأة غيري . هكذا كانت تقول لي بالأمس حينما اغتنمت فرصة خروج فؤاد من البيت، وكلمتها بواسطة الهاتف بعد أن لاحظت غيابها، وعدم خروجها من الباب أو الشرفة المجاورة لشرفتي، والتي كنا نتحدث أغلب الأحيان من خلالها ، فقد أقفل باب الشرفة أيضاً ليمنعها حسبما أعتقد من لقائي أنا بالذات .
تنهدت نرجس وهي تعصر ذهنها لعلها تتذكر ما يؤكد كلام حسيبة وهي تحاول أن تستعيد في رأسها حديث الأمس، الذي تم من خلال الهاتف الليلة الماضية بينها وبين ابنتها نهال ، وقد داهمها شعور غامض بالخيبة والخذلان، وهي تستحضر نبرات صوتها الخافت الحزين، وتلعن في سرها غبائها، عندما توهمت حينها بأن ابنتها على ما يرام رغم شحنات الحزن التي كانت تنبعث من خلال نبرات صوتها ، وتعجبت كيف لتلك الشحنات إن ذابت ذوبان الجليد دون أن تؤثر كالعادة في نفسها ومشاعرها وكرهت في تلك اللحظة قسوتها وأنانيتها ، وصاعد الشعور بالذنب من وتيرة غضبها ودقات قلبها في حين كان عقلها يحاول استدراجها لأبعد مما كان يستوعبه قلبها الضعيف أمام أمومتها، وليذهب رغماً عنها إلى خيالات مليئة بالرعب والموت ، وعندما حاولت الهروب من خيالها ببكائها، وانهمرت دموعها، وهي ترد على حسيبة بلهجة فيها ضعف واستجداء.
ـ شكراً لاهتمامك يا حسيبة، نهال تعتبرك بمثابة أخت لها ، تحدثنا عنك كثيراً الليلة الماضية بكل خير ، فأرجوك كرري المحاولة لعل أحدهم يفتح لك الباب .
ـ لا تشكريني على واجب ، نهال عزيزة على قلبي ، وقد كررت المحاولة مرات عدة .. ولكن لا أحد يرد ، أقسم بالله ، سمعتها وهي تستغيث وتتوسل ، بينما زوجها السافل كان ... أوه . عذراً ..... لقد تجاوزت حدودي.
مسحت نرجس دموعها بكم ثوبها وهي تجيبها بثقة.
ـ لا بأس، إنه نسيبي وأنا أعرف سفالته أكثر منك .. حاولي أن تتأكدي بأنها لم تصب بمكروه . وسوف أكون عندها خلال دقائق .