لم تمض سنة على صدورالطبعة الأولى من كتابي :اسئلة الحداثة في المسرح" حيث نفذ من التداول، وهو الكتب الذي لقي اقبالا جيداوكتبت عنه عدة مقالات، بعذ أن أضيف إليه مجموعة من المقالات التي كتبتها خلال العام الماضي، وبالفعل فالكتاب بحلته الجديدة يحتوي على احدى عشرة
أنت هنا
قراءة كتاب أسئلة الحداثة في المسرح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
لقد سارت الدراما طوال قرنين من الزمن بمحاذاة التراجيديا والكوميديا، متغلغلة في الأفعال المنبثقة عنهما دون أن تستقل بمفهوم واضح بها حتى يومنا هذا. ففيها كما يقال"سجلات تكميلية للجد والهزل"(11 ).
وما ان يمضي النصف الثاني من القرن الثامن عشر حتى بدأت الدراما تستقل على مفهوم شبه واضح، حينما أفرزت لها مفردات قاموسية مثل: "الجمالية، واللذة، ووحدة اللهجة، ووحدة الشعور "( 12 ) وهي مفردات غامضة أيضاً وتتناسب وطبيعة المسرح الذي يبحث عن طريق للخروج من التراجيديا والكوميديا الكلاسيكيين.. وعندما كانت خطوة مهمةقد قطعت نحو التوصيف، نجد ميشال ليور" يقول " فللدراما إذا جماليتها، وهذه الجمالية ما هي في الواقع، إلا حصيلة الميول الراكدة بإبهام في أغلبية المؤلفات الدراماتيكية،وما الصفاء المطلق إلاّ مثلاً أعلى يتحقق بأعجوبة في الروائع الكلاسيكسية" و يقول أيضا "ما الدراما إذا سوى إغراء مسرحي دائم،وجذب إرضاء للحساسية العصرية.( ...)وحادث تاريخي،وواقعية أدبية،ومذهب جمالي،تلك هي الدراما وتلك هي المعطيات التي يجب الإلمام بها معا لنستخرج منها أصالة ومعنى الدراما الفنيين، بكل ما فيها من تعقيد وغزارة" ( 13). بالتأكيد أن لغة العصر بدأت تتضح بالتأكيد فيما يخص مفهوم الدراما وتسبغ عليها تعقيداته، هذه اللغة التي هي إنعكاس لواقع المجتمع وثقافته وقد جدت صداها في تحديد مفهوم الدراما المعاصرة بناء على متغيرات كبيرة.
11
ما أن يمضي القرن الثامن عشر والتاسع عشر حتى تحل الدراما محل التراجيديا والكوميديا، وتصبح المفهوم الذي يرتبط بالفلسفة، قبل أن يرتبط بالمسرح،فالدرامية تعني التشكيل الفني الخلاق الذي يجعل الفنون اكثرالتصاقاً بالمجتمع، ومن هنا بدأت تصنيفات المسرح ما قبل القرن السادس عشر كمسرحيات شكسبير التي لم يقل عنها أنها دراما، بل كانت مسرحيات أو تراجيديات كما ترجمت عربياً، أومآس كما ترجمها جبرا ابراهيم جبرا. كما بدأ النقد يعيد تقييم مسرح راسين وموليير في ضوء مفهوم الدراما، بعد أن كسرت هذه المسرحيات بنية المسرحية القديمة، وأعتمد النقد مفاهيم ومصطلحات جديدة تتلاءم وسياق العصر ومتغيرات فلسفة الفنون. وبدأ مفهوم الدرامية أقرب إلى الشعرية،