رواية " الرفيقة وداد " ، تأليف عماد محمود الأمين ، والتي صدرت عن
أنت هنا
قراءة كتاب الرفيقة وداد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بالإضافة إلى الفقر والحرمان، لم تنعم هذه المنطقة بالاستقرار منذ قدم التّاريخ. فقد كانت دوماً مسرحاً للحروب والغزوات المتكرّرة والدّوريّة، الّتي كان آخرها في تلك الفترة نكبة سنة 1948 حين قُسّمت فلسطين إلى دولتيْن، فلسطينيّة وإسرائيليّة، وهُجّر مئات الآلاف من الفلسطينيّين من مدنهم وقراهم، ليلجأوا إلى الدّول العربيّة المجاورة، ومن ضمنها لبنان.
وهكذا، انحشر سكان فطر، كما سائر سكان القرى المجاورة، بين سندان الفقر ومطرقة الحالة الأمنيّة غير المستقرّة. وتزايد النّزوح ﺇلى البلدات والمدن البعيدة وصولاً إلى بيروت. ثمَّ أخذت الهجرة طريقها إلى الدّول الأفريقيّة والأميركيّة. كانت الهجرة في أكثر الأحيان ظرفيّةً وآنيّة، إلّا أنها أخذت، عند جزءٍ لايستهان به من النّاس، شكل الهجرة الدّائمة والنّهائيّة.
وبدأت تظهر علامات التّذمّر والتّمرّد على الأوضاع السّياسيّة، ووجد النّاس ضالّتهم في الأحزاب العقائديّة، وخصوصاً «الحزب الشّيوعيّ» و«حزب البعث» و«حزب الكتائب» و«الحزب القوميّ»، وكان لصعود الاتحاد السّوفياتيِّ الستالينيِّ في حينه، كبير الأثر في نفوس الشّباب، فانتشر الحزب الشّيوعيُّ فوق حقول التّبغ من قريةٍ إلى أخرى، سرّاً في البداية، ثمَّ بدأ يعمل في العلن، على الرّغم من الحظر الّذي كان مفروضاً عليه من السّلطات، داعياً إلى الإضرابات والتّظاهرات الّتي كانت تعلو فيها أهازيج:
نحنا رْجالكْ ماركس بيْكْ
مامِنْخافْ المَنيّة
الصّحة مليحة سْمالله عليْكْ
بْهاللّحْية الأشبهيّة.
ولكي تواجهَ السّلطات تذمّر أهل القرى حسّنت من أدائها، فشهدت فطر كما القرى المجاورة، تغيّراتٍ عمرانيّةً وخدماتيّةً كبيرة، وكذلك تضاعف عدد سكانها، وصار النّاس يسمعون بأطباءَ جدد، من قريتهم أو من القرى المجاورة، يستقرّون في عاصمة القضاء، وبدأت تظهر السّيّارات لتحلُّ محلَّ الحمير وسيلة نقل.